للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٦٨٤ - وعن أبي أيوب: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يغسل رأسه وهو محرم. متفق عليه.

ــ

الإخباري في موضع الإنشائي إنما يكون للمبالغة والتأكيد، فيكون المعنى: لا يصح ولا يستقيم نكاح المحرم ولا إنكاحه؛ لأنه مناف لحال المحرم الذي من حقه الاتصاف بصفة الذلة والخشوع والتجانف عن الملاذ وقضاء الشهوات، بل شأنه بذكر الموت ولبس الأكفان والوقوف بالمحشر بين يدي الملك الديان، فإني يليق بحالة التزوج والتزويج! ومن ثم كرر صل الله عليه وسلم المنهيات بقول: ((لا ينكح ولا ينكح ولا يخطب)).

وأما قوله: حديث ابن عباس ليس للتأويل فيه مجال؛ فليس بذاك. ((مح)): فيه وجوه: أحدهما: أنه مر أن جمهور العلماء من الصحابة ومن بعدهم قالوا: لا يصح نكاح المحرم؛ فيكون قد رأوا أنه صلى الله عليه وسلم إنما تزوجها حلالا وهم أعرف بالقضية لتعلقهم بها، وثإنيها: أن قوله: ((وهو محرم)) محمول علي أنه في الحرم وهو حلال، وهي لغة شائعة، ومنه البيت المشهور: قتلوا ابن عفان الخليفة محرماً. أي في حرم المدينة. وثالثها: أنه إذا تعارض القول والفعل، فالصحيح عن الأصوليين ترجيح القول؛ لأنه يتعدى إلي الغير والفعل قد يكون مقصورا عليه، يريد أن عثمان رضي لله عنه ينقل قول الرسول وابن عباس يبين حاله، ويستدل بالفعل علي ما يدعيه، والقول راجح. ورابعها: قول أصحابنا: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان له أن يتزوج في حال الإحرام، وهو مما خص به دون الأمة، وهذا أصح الوجوه.

أقول: ويمكن وجه آخر وهو أن يقال إن قوله: ((وهو محرم)) حال يجوز حمله علي الحال المقدرة، أي تزوج وهو مقدر الإحرام، وعليه ينزل قول الأكثرين، وهو أنه صلى الله عليه وسلم تزوجها حلالا، وظهر أمر تزويجها وهو محرم، كما في المتن. والله أعلم.

قوله: ((لا ينكح)) ((مح)) معناه [لا يتزوج] امرأة بولاية ولا وكالة، قال العلماء: سببه أنه لما منع في مدة الإحرام من العقد لنفسه صار كالمرأة؛ فلا يعقد لغيره. وظاهر هذا العموم أنه لا فرق بين أن يزوج بولاية خاصة كالأب والأخ، أو عامة كالسلطان والقاضي ونائبه، هذا هو الصحيح عندنا. وقال بعض أصحابنا: يجوز أن يزوج المحرم بالولاية العامة؛ لأنها يستفاد بها ما لايستفاد بالخاصة.

واعلم أن النهي عن النكاح والإنكاح للمحرم نهي تحريم، فلو فعل لم ينعقد. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ((ولا يخطب)) فهو نهي تنزيه. وكذا لا يكره للمحرم أن يكون شاهدا في نكاح عقد الحلال. وقال بعض أصحابنا: لا ينقعد بشهادته، لأن الشاهد ركن في عقد النكاح كالولي.

الحديث السابع عن أبي أيوب: قوله: ((يغسل رأسه)) ((مح)): يجوز للمحرم غسل رأسه، وإمرار اليد علي شعره بحيث لا ينتف شعراً، واتفق العلماء علي جواز غسل المحرم رأسه وحده.

<<  <  ج: ص:  >  >>