للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٧٨٤ - وعن أبي بكر بن أبي مريم، قال: كانت لمقدام [بن] معدي كرب جاريةٌ تبيع اللبن. ويقبض المقدام ثمنه، فقيل له: سبحان الله! أتبيع اللبن؟ وتقبض الثمن؟ فقال: نعم! وما بأسٌ بذلك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليأتين علي الناس زمانٌ لاينفع فيه إلا الدينار والدرهم)) رواه أحمد. [٢٧٨٤]

٢٧٨٥ - وعن نافعٍ، قال: كنت أجهز إلي الشام، وإلي مصر، فجهزت إلي العراق، فأتيت إلي أم المؤمنين عائشة، فقلت لها: يا أم المؤمنين! كنت أجهز إلي الشام فجهزت إلي العراق. فقالت: لاتفعل! مالك ولمتجرك؟ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا سبب الله لأحدكم رزقًا من وجهٍ فلا يدعه حتى يتغير له، أو يتنكر له)) رواه أحمد، وابن ماجه.

ــ

الحديث الرابع عن أبي بكر رضي الله عنه: قوله: ((أتبيع اللبن)) يجوز أن يكون ((تبيع)) مسندًا إلي الجارية علي الحقيقة، أنكر بيع الجارية اللبن وقبض المقدام ثمنه، فالإنكار متوجه إلي معنى الدناءة، أي أترضي بفعل الجارية الدنيئة شيئًا دنيئًا فتقبضه؟ وأن يكون مسندًا إلي المقدام علي المجاز، فالإنكار متوجه إلي البيع والقبض معًا، وقوله: ((نعم)) جواب عن معنى الإنكار، أي أترضي بهذا الفعل الدنىء؟ فقال: ((نعم))، وتنزيل الجواب علي الوجه الأول أولي، ويؤيده تأكيده بقوله: ((وما بأس بذلك)) و ((ما)) في قوله: ((ما بأس)) بمعنى ((ليس)) وهو يقتضى أن يكون ((بأس)) مرفوعًا به، ولم تجىء ((ما)) بمعنى ((لا)) التي لنفي الجنس، اللهم إلا علي الاستعارة؛ فإنها غير متوقفة علي السماع.

قوله: ((لا ينفع فيه إلا الدينار والدرهم)) معناه لا ينفع الناس شيء، إلا الكسب، إذ لو تركوه لوقعوا في الحرام، كما روي عن بعضهم، وقيل له: إن التكسب يدنيك من الدنيا، قال: لئن أدنانى من الدنيا لقد صانني عنها، وكان السلف يقولون: اتجروا واكتسبوا؛ فإنكم في زمان إذا احتاج أحدكم كان أول ما يأكل دينه. وروى عن سفيان وكانت له بضاعة يقلبها: لولاها لتمندل بى بنو العباس، أي لجعلوني كالمنديل يمسحون بى أوساخهم.

الحديث الخامس عن نافع: قوله: ((أجهز)) ((نه)): في الحديث ((من لم يغز ولم يجهز غازيًا)) تجهيز الغازى تحميله وإعداد ما يحتاج إليه في الغزو - انتهي كلامه- وفي هذا الحديث مفعوله محذوف، أي كنت أجهز وكلائي ببضاعتي ومتاعي إلي الشام. قوله: ((ولمتجرك)) عطف تفسيري لقوله: ((لك)) علي طريقة قوله: أعجبنى زيد وكرمه، والمعنى ما تصنع بمتجرك الذي تركته وكانت البركة فيه. و ((أو)) في قوله: ((أو يتنكر)) يجوز أن يكون من شك الراوى أو

<<  <  ج: ص:  >  >>