للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ملة غير الإسلام كاذبا، فهو كما قال. وليس علي ابن آدم نذر فيما لا يملك، ومن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة، ومن لعن مؤمنا فهو كقتله، ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقتله، ومن ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها، لم يزده الله إلا قلة)). متفق عليه.

٣٤١١ - وعن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني والله إن شاء الله لا

ــ

صلى الله عليه وسلم: ((من ترك صلاة فقد كفر)) أي استوجب عقوبة من كفر، وهذا النوع من الكلام هل يسمى في عرف الشرع يمينا؟ وهل تتعلق الكفارة بالحنث فيه؟ فذهب النخعي والأوزاعي والثوري وأصحاب أبي حنيفة وأحمد وإسحاق إلي أنه يمين، تجب الكفارة بالحنث فيها. وقال مالك والشافعي وأبو عبيد: إنه ليس بيمين ولا كفارة فيه، لكن القائل به أثم صدق فيه أو كذب، وهو قول أهل المدينة. ويدل عليه أنه صلى الله عليه وسلم رتب عليه الإثم مطلقا، ولم يتعرض للكفارة.

وقوله: ((ليس علي ابن آدم نذر فيما لا يملك)) معناه أنه لو نذر بعتق عبد لا يملكه، أو ليضحي بشاة غيره أو نحو ذلك، لم يلزمه الوفاء به، وإن دخل ذلك في ملكه. وفي رواية ((ولا نذر فيما لا يملك)) أي لا صحة له ولا عبرة. وقوله: ((من لعن مؤمنا فهو كقتله)) أي في التحريم أو العقاب، والضمير للمصدر الذي دل عليه الفعل، أي فلعنه كقتله. وكذا الضمير في قوله: ((ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقتله)) ووجه التشبيه هاهنا أظهر؛ لأن النسبة إلي الكفر الموجب للقتل، فالقاذف بالكفر تسبب إليه، والمتسبب إلي الشيء كفاعله. والقذف في الأصل الرمي، ثم شاع عرفا في الرمي بالزنا، ثم استعير للرمي بكل ما يعاب به ويحيق به ضر.

قوله: ((ليتكثر بها)) قيد للدعوى الكاذبة. فإن قلت: مفهومه أنه إذا لم يكن الغرض استكثار المال، لم يترتب عليه هذا الحكم. قلت: للقيد فائدة سوى المفهوم، وهي مزيد الشناعة علي الدعوى الكاذبة واستهجان الغرض فيها، يعني ارتكاب هذا الأمر العظيم لهذا الغرض الحقير غير مبارك.

الحديث السادس عن أبي موسى: قوله: ((إني والله)) الحديث أوله: قال أبو موسى: ((أتينا النبي صلى الله عليه وسلم نفر من الأشعريين)). قال المالكي: فيه شاهد علي ما ذهب إليه الأخفش من جواز أن يبدل من ضمير الحاضر بدل كل من كل فيما لا يدل علي إحاطة. وعليه حمل الأخفش قوله تعالي: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إلي يَوْمِ القِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ}. وإنما قيدت ببدل الكل من الكل؛ احترازا من البعض والاشتمال؛ فإنهما جائزان بالاتفاق، وقيدت بلا يدل علي

<<  <  ج: ص:  >  >>