للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٧٤٦ - وعن خولة الأنصارية, قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق؛ فلهم النار يوم القيامة)) رواه البخاري.

ــ

وفيه معنى الاختصاص لتقديم الفاعل المعنوي كقولك: أنا كفيتك مهمتك. ولو لم يذهب إلي الاختصاص لم يستقم أن يكون بيانا؛ لأن المعنى ما أعطيتكم ما أعطيتكم, وما أمنعكم ما منعتكم, وإنما المعطي والمانع هو الله, وإنما أنا قاسم أقسم عليكم بأمر الله, وأضع حيث أمرت بيانا للبيان. وفيه حجة علي من قال: إن مثل: (إنما أنا عارف) لا يفيد الاختصاص؛ لأنه ليس بفعل مثل: أنا عرفت.

الحديث الثاني عن خولة: قوله: ((يتخوضون)) ((غب)): الخوض هو الشروع في الماء والمرور فيه, ويستعار في الأمور وأكثر ما ورد فيما يذم الشروع فيه, نحو قوله تعالي: {ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ}. قوله: ((فلهم النار)) خبر ((إن)) وأدخل الفاء لأن اسمها نكرة موصوفة.

الحديث الثالث عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((لقد علم قومي)) قيل: أراد ب (قومي) قريشا, والأظهر أنه أراد به المسلمين لقوله: ((ويحترف للمسلمين فيه)) واللام في ((لقد علم)) قسمية أقسم أنه كان مشتهرا بين المسلمين في كونه كسوبا ومحصلا لمؤنة أهله وعياله بحرفة التجارة, ولم يكن عاجزا عن ذلك, وهذا تمهيد واعتذار منه في أخذه قدر ما يحتاج إليه أهله من بيت المال؛ ومن ثمة أتى بالفاء في قوله: ((فيأكل)) لأنها فاء النتيجة.

((تو)): آل أبي بكر أهله وعياله. ويجوز أن يراد نفسه, وفي نسق الكلام من الدليل علي أنه أراد بآل أبي بكر نفسه, وهو قوله: ((ويحترف للمسلمين)) أي يكتسب بالتصرف في أحوال المسلمين بدل ما يتناول ذلك. أقول: أراد بنسق الكلام أن ((يحترف)) مسند إلي ضمير ((أبي بكر)) وهو عطف علي ((فسيأكل)) فإذا أسند إلي الأهل تنافر وانخرم النظم.

((قض)): وآل أبي بكر أهله عدل عن التكلم إلي الغيبة علي طريقة الالتفات. وقيل: نفسه والآل مقتحم لقوله: ((ويحترف)) وليس بشيء بل المعنى إني كنت أكسب لهم فيأكلونه, والآن اكسب للمسلمين بالتصرف في أموالهم, والسعي في مصالحهم ونظر أحوالهم, فسيأكلون من مالهم المعد لمصالحهم, وهو مال بيت المال.

أقول: لابد في الانتقال من التكلم إلي الغيبة علي ما سماه التفاتا من فائدة. فقوله: ((آل أبي بكر)) من باب التجريد, جرد من نفسه شخصا متصفا بصفة أبي بكر من كونه كسوبا محصلا لمؤنة الأهل بالتجارة, ثم تكفل بهذا الأمر العظيم من تولي أمور المسلمين وامتنع من الاكتساب

<<  <  ج: ص:  >  >>