للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا يمنع من أصحابه أحدا إن أراد أن يقيم بها)) فلما دخلها, ومضى الأجل, أتوا عليا

ــ

السلف أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى كتب. قال القاضي: والي جواز هذا ذهب الباجي وحكاه عن السمنإني وأبي ذر وغيرهما.

وذهب الأكثرون إلي المنع مطلقا, هذا الذي زعموا يبطله وصف الله تعالي إياه بالنبي الأمي. وقوله تعالي: {ومَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ ولا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب)). قالوا: ومعنى ((كتب)) أمر بالكتابة كما يقال: رجم ماعزا وقطع السارق وجلد الشارب.

قال القاضي: فأجاب الأولون أن معنى الآية: لو كنت تقرأ وتكتب قبل الوحي لشك المبطلون, وكما جاز أن يتلو جاز أن يخط, ولا يقدح هذا في كونه أميا؛ إذ ليست المعجزة مجرد كونه أميا, فإن المعجزة حاصلة بكونه أولا كذلك, ثم جاء بالقرآن وبعلوم لا يعلمها الأميون.

والجواب عن قولهم: ((كتب: أي أمر)) أنه عدول عن الظاهر ولا ضرورة إليه؛ لأن قوله: ((وليس يحسن يكتب فكتب)) كالنص أنه كتب بنفسه.

أقول: ويمكن أن يقال: سبيل هذه الكتابة مع هذه الآية وكونه أميا, سبيل قوله صلى الله عليه وسلم: ((هل أنت إلا أصبع دميت* وفي سبيل الله ما لقيت)) ونحوه مع قوله تعالي: {ومَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ ومَا يَنْبَغِي لَهُ} قالوا: ما هو إلا كلام من جنس الكلام الذي يرمي علي السليقة من غير صنعة أو قصد إلي ذلك ولا التفات منه إليه.

((مح)): فيه دليل علي استحباب الكتبة في أول الوثاق وكتب الأملاك والصداق, ونحوهما: هذا ما اشترى فلان أو هذا ما أصدق فلان أو أعتق أو نحوها. وعلي أنه يكفي في الاسم المشهور أن يضم مع الأب خلافا لمن قال: لابد من أربعة: أبيه وجده ونسبه.

وهذا الذي فعله علي رضي الله عنه من عدم الامتثال من باب الأدب المستحب؛ لأنه لم يهم من الأمر التحتم؛ ولهذا لم ينكر, ولو أجب عليه نحوه لم يجز له الترك. وفيه دلالة علي أن مكث ثلاثة أيام للمسافر في موضوع ليس له حكم الإقامة.

قوله: ((هذا ما قاضي)) ((هذا)) إشارة إلي ما في الذهن, و ((ما قاضي)) خبره مفسر له.

وقوله: ((لا يدخل)) إلي آخره تفسير للتفسير. وقوله: ((ومضى الأجل)) أي قرب انقضاء الأجل أو شارف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عليه قضاء الأجل, كقوله تعالي: {فَإذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ

فقالوا: قل بصاحبك: اخرج عنا, فقد مضى الأجل, فخرج النبي صلى الله عليه وسلم. متفق عليه.

[(١٠) باب إخراج اليهود من جزيرة العرب]

الفصل الأول

٤٠٥٠ - وعن أبي هريرة, قال: بينا نحن في المسجد, خرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

ــ

<<  <  ج: ص:  >  >>