للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٥٢١٧ - وعن شداد [رضي الله عنه] قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يا أيها الناس! إن الدنيا عرض حاضر، يأكل منها البر والفاجر، وإن الآخرة وعد صادق، يحكم فيها ملك عادل قادر، يحق فيها الحق، ويبطل الباطل، كونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن كل أم يتبعها ولدها)).

٥٢١٨ - وعن أبي الدرداء [رضي الله عنه] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما طلعت الشمس إلا وبجنبتيها ملكان يناديان، يسمعان الخلائق غير الثقلين: يأيها الناس! هلموا إلى ربكم، ما قل وكفي خير مما كثر وألهى)) رواهما أبو نعيم في ((الحلية)). [٥٢١٨]

ــ

((بحذافيره)) أي بأسره، ((نه)): الحذافير الجوانب، وقيل: الأعالي واحدها حذفور. وقوله: ((إنكم معروضون على أعمالكم)) أي الأعمال معروضة عليكم من باب القلب كقولهم: عرضت الناقة على الحوض.

الحديث التاسع عشر عن شداد رضي الله عنه: قوله: ((وعد صادق)) هو من الإسناد المجازي وصف الوعد بما هو من سببه أي الله صادق في وعده، ثم المراد بالوعد الموعود هو الأجل المسمى. قوله: ((يحق فيها الحق ويبطل الباطل) بيان لقوله: ((يحكم فيها ملك عادل قادر)) فإن تحقيق الحق وإبطال الباطل يقتضيان العدل والقدرة.

الحديث العشرون عن أبي الدرداء رضي الله عنه: قوله: ((إلا وبجنبتيها)) استثناء مفرغ، والواو للحال والمستثنى منه أعم عام الأحوال. وقوله: ((ملكان)) يجوز أن يكون فاعل الجار والمجرور على رأي، أو هو مبتدأ والجار والمجرور خبره. والإسماع يجوز أن يكون على الحقيقة، وأن يكون على التشبيه العقلي مجازا فمعنى يسمعان الخلائق غير الثقلين)) إنها يقصدان بالإسماع الثقلين فيسمعان غيرهما، ثم خص من الثقلين الإنسان بقوله: ((يأيها الناس)) تنبها على تماديهم في الغفلة وانهماكهم في الحرص وجمع حطام الدنيا، حتى ألهاهم ذلك عن الإقبال إلى الله تعالى وعبادته. وقيل لهم: إلى كم هذه الغفلة والإعراض عن ذكر الله؟ هلموا إلى طاعة ربكم، ما قل من الدنيا ويكفيكم ولا يلهيكم خير مما كثر وألهى، سمع هذا النداء من ألقى السمع وهو شهيد، أولئك الذين أشار الله بذكرهم ورفع من منزلتهم في قوله تعالى: {لَاّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ ولا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ} الآية. ولعل السر في عدم إسماع الثقلين: لئلا يرتفع التكليف. نحوه قوله صلى الله عليه وسلم: (٠لولا أن تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب

<<  <  ج: ص:  >  >>