للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٩٥ - وعن ابن عمر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قباء كل سبت ماشياً وراكباً، فيصلي فيه ركعتين. متفق عليه.

٦٩٦ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحب البلاد إلي الله مساجدها، وأبغض البلاد إلي الله أسواقها)) رواه مسلم.

ــ

أقول: ولما شبه المسافة التي بين البيت والمنبر بروضة الجنة لأنها مكان الطاعات والذكر ومواقع السجود والفكر، أتى بقوله: ((ومنبري علي حوضي)) تنبيهاً علي أن استمدادها من البحر الزاخر النبوي، ومكانه المنبر الموضوع علي الكوثر، يفيض منه العلم الإلهي، فجعل فيضان العلم اللدني من المنبر إلي الروضة وتروي الناس به والعمل بموجبه سبباً لريهم م الحوض الكوثر، وحصولهم في رياض الجنة، ونظير ما بين البيت والمنبر الأرض الطيبة التي أنبتت الكلأ والعشب الكثير في الحديث الذي ورد في باب العلم، ونظير الحوض الموضوع عليه المنبر الأحاديث المذكورة فيه.

فإن قلت: الذي يفهم من كلام الشارحين أن الحديث وارد علي التسبب، فما يقتضيه علم البيان؟ قلت: كلتا الجملتين من باب التشبيه البليغ، فإن قوله: ((ما بين بيتي ومنبري)) مبتدأ، حمل عليه ((روضة من رياض الجنة)) كما يقال: زيد بحر، شبه تلك البقعة الطيبة التي تفيض عليها بركات الوحي السماوي والعلم الإلهي فتثمر الأعمال الصالحة والأفكار الصائبة، من رياض الجنة التي فيها حلول رضوان الله، وحصول ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولذلك شبه صفة المنبر العجيبة الشأن بصفة الحوض الكوثر، فكما أنه صلى الله عليه وسلم يشفي غليل الجهل بماء علمه، ويشفي عليله بمواعظه ونصائحه، كذلك يروي صدى كرب يوم القيامة بماء الكوثر، فلما أريد المبالغة وتناهي التشبيه جعل المنبر الذي هو منصة العلم علي حافة الحوض، كما تقول: زيد كالبحر في العلم، ثم هو علي ساحر بحر العلم يغرف منه ويفيض علي الناس، فكأنه نظر إلي هذا المعنى من قال:

فاضت علي الدنيا وآخره من كوثر المصطفي طوبى لآلاء

الحديث السادس عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((مسجد قباء)) ((مظ)): فيه دليل علي أن التقرب بالمساجد ومواضع الصلحاء مستحب، وأن الزيارة يوم السبت سنة. وقباء (مقصور وممدود) مسجد خارج المدينة قريب منها.

الحديث السابع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((أحب البلاد)) لعل تسمية المساجد والأسواق بالبلاد خصوصاً تلميح إلي قوله تعالي: {والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي

<<  <  ج: ص:  >  >>