للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

((فوضع كفه بين كتفي، فوجدت بردها بين ثديي، فعلمت ما في السماوات والأرض، وتلا: {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين})) رواه الدارمي مرسلاً، وللترمذي نحوه عنه. [٧٢٥]

ــ

الحديث العاشر عن عبد الرحمن: قوله: ((في أحسن صورة)) ((نه)): الصورة ترد في كلام العرب علي ظاهرها، وعلي معنى حقيقة الشيء وهيئاته، وعلي معنى صفتيه يقال: صورة الفعل كذا، وصورة الأمر كذا وكذا، أي صفته. ((تو)): هذا الحديث مستند إلي رؤيا رأها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أورده الطبرإني في كتابه عن معاذ بن جبل (رضي الله عنه): أنه صلى الله عليه وسلم صلي ذات يوم صلاة الغداة وقال: ((إني صليت الليلة ما قضى لي، ووضعت جنبي في المسجد، فأتإني ربي في أحسن صورة)) الحديث، ورواه أبو عبد الله أحمد في مسند عن معاذ بن جبل، قال: صلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم صلاة الغداة، ثم أقبل علينا، فقال: ((إني سأحدثكم: إني قمت من الليل، فصليت ما قدر لي فنعست في صلاتي حتى استثقلت، فإذا أنا بربي (عز وجل) في أحسن صورة)) وساق الحديث وأصح طرق هذا الحديث ما رواه أبو عبد الله في مسنده.

((قض)): فإذا ذهب إلي أن ذلك رؤيا رآها في المنام فلا إشكال، إذ الرائي قد يرى غير المتشكل متشكلاً، والمتشكل بغير شكله. ثم لا يعد ذلك خللاً في الرؤيا وخللاً في خلد الرائي، بل له أسباب أخر تذكر في علم المنامات، ولولا تلك الأسباب لما افتقرت رؤيا الأنبياء (عليهم السلام) إلي التعبير. وإذا ذهب إلي أن ذلك في اليقظة فلابد من التأويل، فنقول وبالله التوفيق: صورة الشيء ما يتميز به الشيء من غيره، سواء كان عين ذاته، أو جزؤه المميز، وكما يطلق ذلك في الجثة يطلق في المعإني، فيقال: صورة المسألة كذا، وصورة الحال كذا، فصورته تعالي- والله أعلم- ذاته المخصوصة المنزهة عن مماثلة ما عداه من الأشياء، كما قال الله تعالي: {ليس كمثله شيء} البالغة إلي أقصى مراتب الكمال. ((نه)): يجوز أن يكون المراد بالصورة أنه تعالي أتاه في أحسن صفة، ويجوز أن يعود المعنى إلي النبي صلى الله عليه وسلم أي أتإني ربي وأنا في أحسن صورة، وتجرى معإني الصورة كلها عليه، إن شئت ظاهرها، وإن شئت هيئتها أو

<<  <  ج: ص:  >  >>