للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى انجلي كسوفها)). رواه أبو داود. [١٤٩٢]

١٤٩٣ - وعن النعمان بن بشير، قال: كسفت الشمس علي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يصلي ركعتين ركعتين ويسأل عنها، حتى انجلت الشمس. رواه أبو داود. وفي رواية النسائي: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلي حين انكسفت الشمس مثل صلاتنا يركع ويسجد. [١٤٩٣]

وله في أخرى: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يومًا مستعجلاً إلي المسجد، وقد انكسفت

ــ

وكل ذلك جائز، يصلي علي حسب الحال، ومقدار الحاجة فيه. قال: ذهب أكثر أهل العلم إلي هذا، وإنه إذا امتد زمان الخسوف يزيد في عدد الركوع، أو في إطالة القيام والركوع، ويطول السجود كالركوع عند الشافعي.

قوله: ((ويسأل عنها)) أي يسأل الله بالدعاء أن يكشف عن الشمس، أو يتجلي عنها الكسف، أو يسأل الناس عن انجلائها، أي كلما صلي ركعتين يسأل هل انجلت؟ فالمراد بتكرير الركعتين المرات. قوله: ((ولكنهما خليقتان من خلقه تعالي)): ((نه)) الخلق الناس، والخليقة البهائم. وقيل: هما بمعنى واحد,

أقول: المعنى الأول أنسب في هذا المقام، لأنه صلى الله عليه وسلم رد زعم من يرى أثرهما في هذا العالم بالكون والفساد، أي ليس كما تزعمون، بل هما مسخران كالبهائم، دإنيان، مقهوران تحت قدرة الله تعالي، يخوف الله بهما عباده، فإذا رأيتم شيئًا من ذلك فافزعوا إلي ذكره. ونظيره في إرادة التحقير ردًا لمن يقول بالتعظيم قوله تعالي: {وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا} سماهم جنة، وهم ملائكة مكرمون؛ لأنهم نسبوا إلي الله تعالي. وقيل: فيهم الملائكة بنات الله، فعلي هذا هما مفتقران في انجلائهما عما يحدث الله فيهما من الكسف والخسف إلي دعوة بني آدم، كما مر في الحديث السابق ((يدعو حتى انجلي كسوفها)) وكما قال: ((ويسأل عنها، هل انجلت الشمس)).

وقوله: ((ما شاء)) مفعول للمصدر المضاف إلي الفاعل، و ((من)) ابتدائية، أي خليقتان ناشئتان من خلق الله تعالي المتناول لكل مخلوق علي التساوي، بينه النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الكلام المفصح، علي أنه ليس لأحد القمرين تأثير في الوجود. وقوله: ((حتى تنجلي)) غاية لمقدر أي صلوا من ابتداء الخسوف منتهين إما إلي الانجلاء، أو إحداث الله تعالي أمرًا، وهذا المقدر يربط بين الشرط والجزاء، لما فيه من العائد إلي الشرط. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>