للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبدلُ النسيان ما ذُكرَ ليكونَ بدلاً من لفظٍ تَبيَّنَ لكَ بعدَ ذكرهِ فسادُ قصدهِ، نحو "سافرَ عليٌّ إلى دِمَشقَ، بَعلبكَّ"، توهمتَ أنه سافرَ إلى دمشقَ، فأدرككَ فسادُ رأيك، فأبدلتَ بعلبكَّ من دمشقَ.

فبدلُ الغلطِ يتعلَّقُ باللسانِ، وبدلُ النسيانِ يَتعلَّق بالجَنان.

وبَدلُ الاضراب ما كان في جملةٍ، قصدُ كلٍّ من البلد والمُبدَل منه فيها صحيحٌ، غيرَ أنَّ المتكلم عدلَ عن قصد المُبدَلِ منه إلى قصدِ البدل، نحو "خُذِ القلمَ، الوَرَقةَ"، أمرتَهُ بأخذ القلم، ثم أضربتَ عن الأمر بأخذهِ إلى أمرهِ بأخذ الورقة، وجعلتَ الأوَّل في حكم المترُوك.

والبَدَلُ المُباينُ بأقسامهِ لا يقعُ في كلامِ البُلغَاءِ. والبليغُ إن وقع في شيءٍ منها، أتى بين البدل والمبدَل منه بكلمةِ "بَلْ"، دلالةً على غلطهِ أو نسيانهِ أو إِضرابه.

٢- أَحكامٌ تَتَعَلَّقُ بالْبَدَل

١- ليسَ بمشروطٍ أن يتطابَقَ البدلُ والمُبدَل منه تعريفاً وتنكيراً. بل لكَ أن تُبدِلَ أيَّ النوعينِ شئتَ من الآخر، قال تعالى {إلى صراط مُستقيم، صراطِ الله} ، فأبدلَ "صراط الله"، وهو معرفةٌ، من "صراطٍ مُستقيم"، وهو نكرة، وقالَ "لنفسعاً بالناصيةِ، ناصيةٍ كاذبةٍ خاطئةٍ"، فأبدلَ "ناصية"، وهي نكرةٌ، منَ "الناصية"، وهي معرفةٌ. غيرَ أنه لا يَحسُنُ إِبدالُ النكرة من المعرفة إلا إذا كانت موصوفةً كما رأيتَ في الآية الثانية.

٢- يُبدَلُ الظاهرُ من الظاهرِ، كما تقدَّمَ. ولا يُبدَلُ المُضمَر من المُضمَر. وأما مثلُ "قُمتَ أنتَ. ومررتُ بكَ أنت"، فهو توكيد كما تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>