للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهل ترك لنا عقيل من منزلٍ (١) وذلك إجماع أيضاً.

المسألة الثالثة: اتفق العلماء من الصحابَةِ والتابعين رضي الله عنهم على أن من لا يرث لأجل الكفر لا يحجب، إلَّا عبد الله بن مسعودٍ، فإنه حجبَ بالابن الكافر من يحجب بالابن المسلم (٢)، وهذا ضعيف, لأن الله تعالى أنزله في الميراثِ معدوماً، فكذلك في الحجب وتحريره أحد فائدتي (٣) القرابة في الميراث، فأسقط حكمها الكفر أصله السهم، يزيده ايضاحاً أن المذكور في قوله: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} سهمًا والمذكور في قوله: {إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ} حجباً.

مسألة أصولية: قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} اتفق المفسرون على أن هذه الآية نسخت آية الوصية للأقربين (٤) وهذا لا يصح، لأن من شروط النسخِ الأربعة وهو أصلها المعارضة حتى يمكن الجمع. والجمع بين الآيتين ممكن فاستحالَ أن يقال إن إحداهما نسخت الأخرى. وقالت طائفة نسخها قول النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله أعطى كل ذي حقٍ حقه، فلا وصية لوارث) (٥) وهذا الحديث اتفقت عليه الأمة. قلنا: هذا باطل. لأن الأمة لم تتفق على نقلهِ لفظاً، والحديث ضعيف، ولو


(١) متفق عليه أخرجه البخاري في الحج باب توريث دور أهل مكة ٢/ ١٨١ ومسلم في الحج (١٣٥١) وأبو داود (٢٩١٠) من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه قال يا رسول الله أين تنزل في دارك بمكة فقال وهل ترك عقيل من رباع أو دور وكان عقيل قد ورث أبا طالب هو وطالب ولم يرثه جعفر ولا علي رضي الله عنهما شيئاً لأنهما كانا مسلمين وكانا عقيل وطالب كافرين ..
(٢) قال البغوي تفرد ابن مسعود بخمس مسائل في الفرائض فذكر أربعة وقال والخامسة من لا يرث كالابن الكافر والرقيق والقاتل يحجب أصحاب الفرائض حجب النقصان فيرد الزوج إلى الربع والزوجة إلى الثمن والأم إلى السدس وعامة الصحابة على أنه لا يحجب كما لا يحجب حجب الحرمان شرح السنة ٨/ ٣٣٥ وانظر المسائل الخمس في المغني ٦/ ٢٢٦ - ٢٤٢.
(٣) في ج وك: أخذ ما يؤتى القرابة في الميراث والعبارة غير واضحة.
(٤) روى البخاري بسنده إلى ابن عباس قال كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين فنسخ الله من ذلك ما أحب فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس وجعل للمرأة الثمن والربع وللزوج الشطر والربع. البخاري في كتاب الفرائض باب ميراث الزوج ٨/ ١٨٩.
ونقل الحافظ عن السهيلى قوله إن الآية التي نسختها هي {يُوصِيكُمُ اللَّهُ} إشارة إلى استمرارها فلذلك عبر بالفعل الدال على الدوام بخلاف غيرها من الآيات حيث قال في الآية المنسوخة الحكم {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} فتح الباري ١٢/ ٢٣ وانظر القرطبي ٥/ ٤٩.
(٥) وراه أبو داود في سننه (٢٨٧٠) والترمذي (٢١٢١) وقال حسن صحيح وابن ماجه (٢٧١٣) النسائي (٣٦٧٣) وقال فيه الحافظ حسن الإسناد. التلخيص ٣/ ٩٢.

<<  <   >  >>