للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاستيفاء والذي يغلب على ظني أن مالكاً إنما ذكر ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد ذكر نظيره في شرعنا قال: (لا تقوم الساعة حتى يخبر الرجل فخذه بما يصنع أهله من بعده) (١) فرأى مالك رضوان الله عليه أن نطق الفخذ منتظم في الشرائع. قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (٢) قال ابن القاسم سمعت مالكاً يقول لما وقف إبراهيم عليه السلام على المقام أوحى الله سبحانه إلى الجبال أن تأخري عنه فتأخرت حتى رأى (٣) موضع المناسك كلها فذلك قوله تعالى: {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا} (٤).

قال القاضي ابن العربي رضي الله عنه هذا شيء مروى عن (٥) النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن لم يصح لنا سنده أما إن مالكاً نقله لثلانة أوجه أحدها أنه مناسب نظم القرآن والثاني أنه يسير من قدرة الجليل في كرامة الخليل الثالث أنه جائز في المعقول يخرج على الأصل المتقدم وقد قيدت في متعلقات التذكير عن أشياخنا العراقيين أن الأوزاعي وصى يوماً رجلاً بالتقوى وملازمة العمل الصالح وقال له من درج كلامه: إذا اتقيت الله وقلت لذلك الجبل أدن يدنو إليك فتزحزح الجبل إليهم فقال الأوزاعي إليك عني إنما ضربته مثالاً لهذا. وهذه رواية تستمد من بحر الكرامات وصدرنا فيها رحب وموردنا فيها عذب فعليكم بالمتوسط والمشكلين فيهما ينجلي عنكم خفي الجهل وينهتك ستر المين وكذلك أسمع الله عز وجل كلام إبراهيم حين أذن بالحج لجميع الخلق من جماد وحى حين أذن على المقام بالحج فأسمع الله عَزَّ وَجَلَّ تأذينه كل مخلوق من الأحياء والجمادات فمن أعرض عنه لم يحج ومن أجابه مرة حج مرة ومن أجابه سبعين مرة حج سبعين حجة وهي إحدى الأقسام التي وقع فيها الأحياء من الله عَزَّ وَجَلَّ للخلق من لدن آدم إلى يوم القيامة وكل ذلك جائز في قدرة الله عَزَّ وَجَلَّ حسب ما بيناه في المشكلين وغيره (٦) على وجه ذلك من صحيح وسقيم وقوي وضعيف وغير ذلك. قوله عَزَّ وَجَلَّ {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} (٧) قال أبو


(١) رواه أحمد في المسند ٣/ ٨٤ والترمذي في سننه ٤/ ٤٧٦ وقال حسن غريب والحاكم في المستدرك ٤/ ٤٦٧ وقال صحيح على شرط مسلم واقره الذهبي والحديث من رواية أبي سعيد الخدري.
(٢) سورة البقرة (١٢٥).
(٣) في ج وك مواضع.
(٤) سورة البقرة (١٢٨).
(٥) في ج وك إلى.
(٦) في ج وغيرهما وفي ك وغيره.
(٧) سورة البقرة (٢٦٤).

<<  <   >  >>