للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقتضي التفطن لوجه الدلالة قال لنا الإِمام "أبو سعيد الشهيد الزنجاني" (١): ألا ترى إلى قول الهدهد {وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ} إلى قوله {الْعَظِيمِ} (٢) فلم يدرك حديث الشمس وزخرفة الشيطان وصدوف (٣) الخلق عن الحق ووجود الإله ومعرفته بالخفيات واستوائه (٤) على العرش العظيم إلا بالعلم وهذا هو التوحيد كله.

[تتميم]

قوله (فَأَذِنَ لَهَا في كُلِّ عَامٍ بِنَفْسَيْنِ) إشارة إلى أنها مطبقة محاط عليها بجسم من جميع نواحيها لم يتصور باضطرابها أن يشقه، كما يفعل كل رأي في مجوف حتى النبات في الصخرة الملساء، وكانت الحكمة في النفس عنها إعلام الخلق بأنموذج منها فأشد ما يوجد من الحر حرها وأشد ما يوجد من البرد بردها.

فإن قيل: وهل في النار من برد؟ قلنا: هي دار عذاب وعذاب الأبدان هو ابتلاؤها بما يؤلمها، والحَرَّ عند الإفراط يمزق الجلد كما يمزقه البرد، ولهذا سمّت الأطباء نبتاً يقطع اللحمَ "النار البارد" وعبّر عن نوعي العذاب جميعاً بأحدهما كما تفعله العرب كثيراً.


= الأصوات أن يكون محلها حياً على الراجح. نقلاً عن فتح الباري ١٣/ ٤٣٦. وقال النووي: هذا الحديث على ظاهره وأن الله يخلق في الجنة والنار تمييزاً يدركان به ويقدران على المراجعة والاحتجاج ويحتمل أن يكون بلسان الحال. نقلاً عن فتح الباري ٨/ ٥٩٧.
(١) ذكره في العواصم ٢/ ٣٥ أنه لقاء بالمسجد الأقصى، كما ذكره ابن فرحون في الديبج ٢/ ٢٥٣ والقاضي عياض في الغنية ص ٦٧ والضبي في بغية الملتمس ص ٩٣ والفهرست لابن النديم ص ٢٥٨ - ٢٥٩، وذكره الشّارح في المسالك ل/٢٢ ولم أجد له ترجمه.
(٢) سورة النمل آية ٢٤ - ٢٥.
(٣) صدف عنه يصدف أعرض ترتيب القاموس ٢/ ٨٠٧.
(٤) سيأتي الكلام على الاستواء.

<<  <   >  >>