للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله عز وجل: {إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} (١) قال المخزومي سمعت مالكاً يقول في قوله {إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} قال الرحمة وقال قوم الاختلاف (٢) قال القاضي ابن العربي رضي الله عنه هذه الآية من المشكلات وقد بالغنا القول فيها بحمد الله في كتاب المشكلين على أوفى قضية في البيان على وجه يعم جميع الطوائف مهمتكم في هذا الاستعجال منه أن قول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} دليل قاطع على أن المشيئة تتعلق بكل موجود ومحدث وأيضاً فإن قوله {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} دليل على أنه القسم الثاني الذي عينته المشيئة فكلاهما جائز عينت القدرة والمشيئة أحدهما إذ تعلقا به ثم أخبر تعالى أن هنالك (٣) موجوداً لا يتطرق إليه اختلاف ولا ينزل بساحته مكروه فثبت هذا كله قطعاً ثم قال بعد ذلك كله {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} فقال قوم أراد الاختلاف وقال آخرون أراد للرحمة وقال قوم أراد لهما. ومن عين الرحمة من أحدهما كان أسعد ممن عين الاختلاف لأجل أن الرحمة أشرف وهي الفائدة التي تمدح الله بها وإن عدلت على الإطلاق قلت قضي عليهم بالاختلاف ويسر لهم الرحمة فجرى كل حكم على فريقه ويطرد التوحيد في تحقيقه (٤).

[سورة يوسف]

قوله {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} (٥) قال المخزومي سمعت مالكاً يقول كان يعظم بعضهم بعضاً بالسجود (٦). قال القاضي ابن العربي رضي الله عنه أراد مالك ما قاله جميع العلماء من أن هذا كان سلام من تقدم ثم نسخ الله ذلك بالإِسلام فجعل السلام قولاً لا فعلاً وعين له ما عين على ما شاء في كتب الفقه.


= وأما قوله لا يقبل عذره بالجهالة في هذا فلأنه أمر بيِّن لا يخفى على أحد وإنما يقبل العذر إذا. ظهر الصدق فيه أو خفي وجه الصدق فيه. الاحكام (١٠٦٤).
(١) سورة هود آية (١١٩).
(٢) ذكر هذا العزو في الأحكام (١٠٧٢) وكذا ذكره القرطبى ٩/ ١١٥.
(٣) في ك وم مرحوم.
(٤) انظر تفاصيل نسبه الأقوال إلى أصحابها في الأحكام (١٠٧٠) وفي القرطبي ٩/ ١١٥.
(٥) سورة يوسف آية (١٠٠).
(٦) قال القرطبي اجمع المفسرون أن ذلك السجود على أي وجه كان فإنما كان تحية لا عبادة قال قتادة هذه كانت تحية الملوك عندهم وأعطى الله هذه الأمة السلام تحية أهل الجنة تفسير القرطبي ٩/ ٢٦٥.

<<  <   >  >>