للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو محض الإيمان، ولكنه إنما بوَّب بالنهي لأن الصحابة كانت تعافه لما تقدم من النهي إليهم فيه والله أعلم: "ففي صحيح مسلم: جاء مشركو قريش مخاصمون إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - في القَدرِ (١) فنزلت {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ} (٢) الآية" (٣). ولما روي أن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - خرج يوماً على أصحابِه وهم يتكلمون في القَدرِ، فاحمرّ وجهُه وقال: (إنما هلك من كان قبلكم (٤) بهذا) وذكر باقي الحديث وَوَجهُ كراهيَّة الكلام في القَدرِ، أن الخوضَ لا يؤول فيه إلى بيان لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا تعرض لبيانِه فسد وخرجَ عن حَدّه، إذ المفعول لا يفعَل والموجود لا يوجد، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - بيَّن لأصحابِه حين سألوه أول دفعةٍ عنه فقالوا له هذا الذي نحنُ فيه، أمرٌ مستأنف أم أمر مفروغ منه فقالَ (اعملوا فكلٌ ميسّر لما خُلِقَ له) (٥). الحديث. فبعد أن استقرَّ القول فيه والبيان لا يبقى إلا اعتراض المشكك وقد قال الله تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (٦). حديث: قال أبو هريرة رضي الله عنه: "تحاجّ آدم وموسى" (٧). الخبر إلى آخره وقد تكلمنا في الصحيح عليه وفي المشكلين بما ينبغي له


(١) مسلم في كتاب القدر باب كل شيء بقدر الله حديث (٢٦٥٦) من حديث أبي هريرة وأخرجه البغوي في شرح السنة ١/ ١٤٩.
(٢) سورة القمر آية (٤٨).
(٣) ما بين القوسين ليس في بقية النسخ وسقط من الأصل قوله وقد ورد في الأثر إذا ذكر القدر فامسكوا وهو في بقية النسخ.
(٤) رواه الترمذي من طريق صالح المري عن هشام بن حسان عن محمَّد بن سرين عن أبي هريرة الترمذي ٤/ ٤٤٣ وقال الترمذي بعد روايته لهذا الحديث هذا حديث غريب لا نعرفه الاّ من هذا الوجه من حديث صالح المري وصالح المري له غرائب ينفرد بها لا يتابع عليها. أقول صالح المري هو ابن بشير بن وادع المري بضم الميم وتشديد الراء أبو بشر البصري القاص الزاهد ضعيف من السابعة مات سنة اثنتين وسبعين (ومائة) التقريب ص ٢٧١ وصالح هذا لم يوثقه أحد ووصفه البخاري بأنه منكر الحديث ت ت ٤/ ٣٨٢ وعلى هذا فالحديث ضعيف.
(٥) روى الترمذي من طريق سالم بن عبد الله يحدث عن أبيه قال: قال عمر يا رسول الله أرأيت ما نعمل فيه أمر مبتدع أو مبتدأ أو فيما فرغ منه فقال (فيما قد فرغ منه يا ابن الخطاب وكل ميسر أما من كان من أهل السعادة فإنه يعمل للسعادة وأما من كان من أهل الشقاء فإنه يعمل للشقاء). وقال الترمذي حسن صحيح ٤/ ٤٤٥.
(٦) سورة الأنبياء آية (٢٣).
(٧) مالك في الموطأ ٢/ ٨٩٨ عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (تحاج آدم وموسى قال له موسى أنت آدم الذي أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة فقال له آدم أنت موسى الذي أعطاه الله علم كل شيء واصطفاه على الناس برسالته قال نعم قال أفتلومني على أمر قد قدر علي قبل أن أخلق) لفظ الموطأ وأخرجه البخاري في كتاب القدر باب تحاج آدم وموسى عند الله ٧/ ١٥٧ ومسلم في القدر باب تحاج آدم وموسى عليهما السلام (٢٦٥٢) وأبو داود رقم (٤٧٠١) والترمذي (٢١٣٤).

<<  <   >  >>