للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

برجله ففداه بنفسه (١)، وكما ترّس عنهُ طلحة ببدنه (٢) وكما نام علي ابن أبي طالب رضي الله عنه على الفراش في البُردِ الحضرمي بدلاً (٣) منه وأما الهدية فإنها من أسباب التوادَ لعلاقة الأمال بالمالِ فترى النفس أن كل من أعانها على مصالحها يحبها فتجازيه بالمحبّة أيضاً. حديث: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (تعرض الأعمال (٤) ...) إلى آخره. أفاد في هذا الحديث فائدة عظيمة، وهي أن المعاصي توقف المغفرة، لا تبطلها وأفاد أيضًا عظم المجاهرة في المعاصي حتى لا تنفع الأعمال الصالحة معها في الحالِ حتى تقع المقابلة في المآل.

[باب اللباس]

إنّ الله تعالى خلق العبد لا يعلم شيئًا ولا يملك شيئًا وإلى هذه الحالة يرده كما قال: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} (٥) ثم كلفه ستر العورةِ، ومكَّنه مما كلفه فقال: {قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا} (٦) الآية. وأذن في التجمل باللباس لما علم من تعلق الأنفس بذلك، ولم يجعله - صلى الله عليه وسلم - من الكبر والظهور المنهي عنه في حديث ثابت بن قيس وقال - صلى الله عليه وسلم -:


(١) قال نافع بلغني أنه كان في الغار جحر فألقم أبو بكر رجله ذلك الجحر تخوفاً أن يخرج منه دابة أو شيء يؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ابن كثير وهذا مرسل وقد ذكرنا له شواهد أُخر في سيرة الصديق. السيرة لابن كثير ٢/ ٢٣٧ وذكره ابن هشام في سيرته ٢/ ٤٨٦.
(٢) روى البزار بسنده إلى عائشة قالت حدثني أبي قال لما انصرف الناس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كنت أول من فاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعلت أنظر إلى رجل يقاتل بين يديه فقلت كن طلحة فلما نظرت فإذا أنا بإنسان خلفي كأنه طائر فلم أشعر أن أدركني فإذا هو أبو عبيدة بن الجراح وإذا طلحة بين يديه صريعاً قال دونكم أخوكم فقد أوجب فتركناه وأقبلنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. مجمع الزوائد ٦/ ١١٢ وقال بعد سياقه فيه إسحاق بن يحيى ابن طلحة وهو متروك.
ورواه الحاكم في المستدرك ٣/ ٢٦ - ٢٧ وفيه وإذا بطلحة ست وستون جراحة وقد قطعت إحداهن أكحله وقال هذا صحيح الإسناد ولم يخرجاه لكن الذهبي عقب علية بقوله قلت إسحاق متروك وعزاه ابن القيم في زاد المعاد ٣/ ٢٠٤ لابن حبان وفيه فأقبلنا على طلحة نعالجه وقد أصابته بضعة عشر ضربة.
(٣) انظر شرة ابن هشام ١/ ٤٨٢ وشرة ابن كثير ٢/ ٢٢٩.
(٤) مالك عن مسلم بن أبي مريم عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أنه قال (تعرض أعمال الناس كل جمعة مرتين يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد مؤمن إلّا عبداً كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال اتركوا هذين حتى يفيئا) الموطأ ٢/ ٩٠٩ ومسلم في كتاب البر والصلة والأداب باب النهي عن الشحناء والتهاجر (٢٥٦٥).
(٥) سورة الأنبياء آية (١٠٤).
(٦) سورة الأعراف آية (٢٦).

<<  <   >  >>