للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرجل وهو قائم (١) فهي مسألة عُني بها المبتدعة من نفاةِ القياسِ, لأن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها وأمر في الصحيح أن يستقى من شربها (٢) وقد شرب النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وهو قائمُ على بعيره بعرفة (٣) وأدخلَ مالك رضي الله عنه فعْل الخلفاء عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم (٤)، وأدخل فعل عائشة (٥) رضي الله عنها، فلا أهله - صلى الله عليه وسلم - عرفت ذلك من فعلِه ولا خلفاؤه، فكيف يلتفت إليه، فأما إنه لم يصحَّ، وإمَّا إنه كان منسوخًا، وإما كان أدبًا لمصلحة البدن فإنه إذا شربَ قائمًا مستعجلًا أضرَّ ذلك به في مجرى العادة فكان النهي لأجلهِ.

[ما جاء في الطعام والشراب]

الطعام والشراب خلقة للآدمي وعادة. فأدخل مالك رضي الله عنه ما تعلق به في الحديث من ذكرٍ في أي نوع كان على معنى الجمع لأنه في كتاب الجامع، ثم بدأ بحديث البركة والمعجزة للنبي - صلى الله عليه وسلم - في شأن أم سليم حين جعلَ الله تعالى له قليل الطعام كثيرًا (٦)


= ٧/ ١٤٥، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الشرب من فيِّ السقاء). وهذه المسألة خلافية بن العلماء فقد نقل الحافظ عن النووي نقله الإجماع على أن النهي هنا للتنزيه لا للتحريم ثم عقب عليه بقوله وفي نقل الاتفاق نظر لما سأذكره فقد نقل ابن التين وغيره عن مالك إنه أجاز الشرب من أفواه القرب وقال لم يبلغني فيه نهي وبالغ ابن بطال في رد هذا القول واعتذر عنه ابن المنير باحتمال أنه كان لا يحمل النهي فيه على التحريم كذا قال مع النقل عن مالك إنه لم يبلغه فيه نهي فالاعتذار عنه بهذا القول أولى والحجة قائمة على من بلغه النهي. فتح الباري ١٠/ ٩١.
(١) قال الحافظ جزم ابن حزم بالتحريم لثبوت النهي وحمل أحاديث الرخصة على أصل الإباحة، فتح الباري ١٠/ ٩١ - ٩٢.
(٢) مسلم في كتاب الأشربة حديث ٢٠٢٦ من رواية أبي هريرة.
(٣) البخاري في الأشربة باب من شرب وهو واقف على بعيره ٧/ ١٤٣، من حديث عمير مولى ابن عباس عن أم الفضل بنت الحارث أنها أرسلت إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - بقدح لبن وهو واقف عشية عرفة فأخذ بيده فشربه.
(٤) الموطأ ٢/ ٩٢٥ مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان كانوا يشربون قيامًا، قال الزرقاني وبلاغه صحيح كما قال ابن عيينة. الزرقاني ٤/ ٢٩٤.
(٥) مالك عن ابن شهاب أن عائشة أم المؤمنين وسعد بن أبي وقاص كانا لا يريان بشرب الإنسان وهو قائم بأسًا. الموطأ ٢/ ٩٢٦.
(٦) مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة إنه سمع أنس بن مالك قال أبو طلحة لأم سليم لقد سمعت صوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضعيفًا أعرف فيه الجوع فهل عندك من شيء فقالت: نعم فأخرجت أقراصًا من شعير ثم أخذت =

<<  <   >  >>