للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الألسنة، ولن تجد لسنة الله تبديلًا وأما قوله إنها وضعت زيتًا وملحًا وأقراصًا، فإنما وضعت الملح لأن أهل تلك البلد لا يجعلون في خبزهم ملحًا لأنَّ إدخال الملح فيه يفسد هيئته وينقص لذته وإنما يأكلونه بالملح أو يكثرون الملح في الإدام فلما رآه أبو هريرة كبَّر وحمد الله تعالى على أن أشبعه من خبز قد كان قبل ذلك لا يقدر عليه تذكرًا على حق النعمة لما سبق من فقدها وتنبيهًا للأضياف على القدر الذي حضر منها وقوله أحسن إلى غنمك الإحسان إلى البهائم أصلٌ في هذا الدين حتى في ذبحها قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا قتلتم فاحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة) (١) ثم قال (وامسح الرغام عنها)، يروى بالعين والغَين وهما سواء وهو ما يسيل من الأنف ويسمى من ابن آدم الذنين، وذلك يكون بقدر منازل الحيوان في الانتفاع فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يمسحُ بردائه عن فرسه وذلك لعظيم منزلته وفضل الانتفاع به) (٢) وقوله إنها من دواب الجنّة فأضافها إلى الجنة تكرمة كنَّى به عن ضعف منهُ صاحبها حتى تقف به على شغله، وتحبسه عن عبادته، وتضعف همته عن المصاولة والمناضلة بخلاف الإبل، فإن همة صاحبها تتطاول إلى المقارعة وشدّ الرحال عليها إلى ما شاء الله تعالى من المطالب والأغراض في الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (الإبِل عز لأهلها والغنم بركة والخيلُ معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة) (٣)، حديث. كان عمر رضي الله عنه ينهى عن اللحم (٤)، إذا كان ضراوة للمرءِ حتى أنه رأى


= اليهودي: جئت أسألك، فقال: سل ... قال: من أول الناس بجازة؟ قال: فقراء المهاجرين، قال اليهودي: فما تحفتهم حين يدخلون الجنة، قال: زيادة كبد النون قال: فما غذاؤهم على أثرها؟ قال: ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها ... مسلم كتاب الحيض (٣١٥).
(١) رواه مسلم من حديث شداد بن أوس قال: ثنتان حفظتهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحدّ أحدكم شفرته فليرح ذبيحته) مسلم في كتاب الصيد والذبائح باب الأمر بإحسان الذبح والقتل حديث (١٩٥٥)، ورواه البغوي في شرح السنة ١١/ ٢١٩.
(٢) قال ابن سعد أخبرنا حُجين بن الليث بن سعد أخبرنا الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن أبي عبد الله واقد إنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (قام إلى فرس له فمسح وجهه بكم قميصه، فقالوا: يا رسول الله أبقميصك؟ قال: إن جبريل عاتبني في الخيل)، طبقات ابن سعد ١/ ٤٩٠.
(٣) رواه ابن ماجه (٢٣٠٥) من حديث عروة البارقي يرفعه قال: (الإبل عز لأهلها والغنم بركة والخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة) قال في الزوائد إسناده صحيح على شرط الشيخين بل بعضه في الصحيحين بهذا الوجه وإنما انفرد ابن ماجه يذكر الإبل والغنم فلذلك ذكرته، سنن ابن ماجه ٢/ ٧٧٣، وذكره الشيخ ناصر في السلسلة الصحيحة (١٧٦٣) وفي صحيح ابن ماجه ٢/ ٣٢.
(٤) مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب أدرك جابر بن عبد الله ومعه حمال لحم فقال: ما هذا؟ فقال: =

<<  <   >  >>