للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جدار عال أو على هدف كثير الانخفاض لسقط في الحال لما تحدثه به نفسه من السقوط فلا يزال ذلك الحديث في نفسه يتصل حتى يظهر الله تعالى أثره في البدن بالسقوط وقد يظهر من النفس أثر ثان في غيرها وفي محل آخر (١) سواها إنما يكون من اعتقادها وقبولها مثاله العين، فإن النفس إذا رأت صورة تستحسنها فغلب ذلك عليها واستولى على القلب فيها فإن لم ينطق بحرف لم يخلق الله تعالى شيئًا وإن نطق بالاستحسان والتعجب من الحال فقد أجرى الله العادة بأنه لم خلق النطق بالاستحسان والتعجب من العائن خلق الله تعالى في بدن المعين المرض والهلكة على قدر ما قدر الله تعالى من ترتيب الأمرين وما سبق في علمه تعالى من تأثير الوجهين فلذلك نهى العائن عن القول والباري تعالى وإن كان سبق من حكمه بالوجود بذلك فقد سبق من حكمته أن العاثن إذا برك سقط حكم فعله ولم يظهر له أثر والباري تعالى يرد قضاءه بقضائه والأمر كله لله ومن حكمته تعالى أن جعل غسل المعين بوضوء العائن مسقطًا لأثر عينه ومن غريب حكمة الله تعالى الذي لا تهتدي إليه العقول ولا يتأدى وجه حكمته إلى المعقول أن يغسل من العائن وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره ثم يجمعُ في قدحٍ ويصب عليه، وقد رأيتُ جماعةً من الملاحدة بديار والمشرق يعترضون على هذا ويقولون إنه كذب منكم أو حيلة ممن تنسبونه إليه. قلنا لهم هذا يردُه أمران عظيمان، أحدهما الوجود فإنا نرى العينَ تؤثر في المعين ثم نرى الشفاء يحصل في الحالِ. وأما الثاني فليس يمتنع أن تكون خاصة لا يعلمها إلًّا خالق العام والخاص إطلع عليها رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا كما نظمتم أنتم طبائع إلَّادوية على طبائع الخلقة الآدمية فيما يعرضُ لها من المعاني التي تعدل بها عن مزاجها الأصلي ثم لما إن وجدتم أشياء تنفع في تعديل المزاج ولم تروْا بينها وبين المزاج مناسبةً، قلتم هذه خاصة وجمعتم منها عشرة آلافٍ ولم تسامحوا لنا في عشرةٍ ص. فإن قلتم إن الوجودَ يشهدُ لنا. قلنا والوجودُ يشهدُ لنا ونحنُ نقول إن الكلَ لله تعالى وتدبيره فإذا سلمتوه قسرًا بالدليل فعبّروه كيفَ ما يسَّر الله تعالى على ألسنتكم ومما يجري مثله في الوجهِ الثاني في السحرِ، فإن الله تعالى قدرَ به في العالم في جملةِ المضرّات كما قدر سائرها، وهو فعل غريب يحدثُ عند قول الساحر وفعله في جسم المسحور أو ماله وضعَه الله تعالى في الأرض بمشيئته وحكمته فتحق الكلمة على من سبقت عليه بالهلكةِ وهو كفر في نفسه لأنه لا يتأتى إلا بالكفرِ، وقد بينا حقيقته وحكمه في كتاب


(١) في ج وم سوى محلها.

<<  <   >  >>