للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المريضَ) (١) لجماعِ هذه الفوائد. والتمريض فرض على الكفابة لا بد أن يقوم به بعض الخلق عن البعض فالقريب ثم الصاحب ثم الجار ثم سائر الناس.

وأما الطيرة، فأدخل تحتها مالك رضي الله عنه، حديث لا عدوى (٢) وهي عبارة عن اعتقاد المرءِ إن مكروهًا جلبَ إليه مكروهًا، وأصلهم في ذلك السانح (٣) والبارح (٤) فعبّروا بكل مكروهٍ يجلب في اعتقادهم مكروهًا عنهُ فقول النبي- صلى الله عليه وسلم -: (لا عدوى) نفياً لأن تكونَ الأدواء تجلبُ الأدواءَ. قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: (أجرب بغيرِ جرابٍ مائة، يعني من أعدى الأول) وهذه من الأدلةِ القَواطِع وأما قوله ولا هام فأرادَ به الردَ على العرب فيما كانت تعتقده من الحياة (٥) في الهَام الذي يقولُ فيه شاعرهم، حدثان المكنَّى بذي الأصبع:

ياعمرو إن لا تدع شتمي ومنقصتي ... أضربك حتى تقول الهامة اسقوني (٦)


(١) رواه البخاري في كتاب الطب باب وجوب عيادة المريض من حديث أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني) ٧/ ١٥٠ وأخرجه البغوي في مصابيح السنة ١/ ٥١٣.
(٢) مالك إنه بلغه عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن ابن عطية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا عدوى ولا هام ولا صفر ولا يحل الممرض على المصحح وليحلل المصح حيث شاء) فقالوا: يا رسول الله وما ذاك؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنه أذى). الموطأ ٢/ ٩٤٦.
قال الزرقاني كذا رواه يحيى وتابعه قوم وقال القعنبي عن ابن عطية الأشجعي عن أبي هريرة وتابعه جماعة منهم عبد الله بن يوسف وأبو مصعب ويحيى بن بكير إلا إنه قال عن أبي عطية أي بأداة الكنية وابن عطية اسمه عبد الله بن عطية ويكنى أبا عطية قيل هو مجهول لكن الحديث محفوظ من وجوه عن أبي هريرة قاله ابن عبد البر. شرح الزرقاني ٤/ ٣٣٣.
والحديث متفق عليه من رواية أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا عدوى ولا صفر ولا هامة) فقال الأعرابي: يا رسول الله فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيخالطها البعير الأجرب فيجربها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فمن أعدى الأول)، وعن أبي سلمة سمع أبا هريرة يقول قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يوردن ممرض على مصح) وأنكر أبو هريرة الأول.
وقلنا ألم تحدث إنه لا عدوى فرطن بالحبشية قال أبو سلمة فما رأيته نسي حديثًا غيره، البخاري في الطب باب لا هامة ٧/ ١٧٥ وفي باب لا صفر ٧/ ١٦٦ ومسلم في كتاب السلام حديث (٢٢٢١) وزاد ولعمري لقد كان أبو هريرة يحدثنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا عدوى) فلا أدري أنسي أبو هريرة أو نسخ أحد القولين الآخر.
(٣) السنح بالضم اليمن والبركة يقال من بالسانح بعد البارح أي المبارك بعد الشؤم. ترتب القاموس ١/ ٦٢٦.
(٤) البرح الشده والشروع باليمن ولقي منه برْحاً بارحاً مبالغة ولقي منه البرحين وتثلث الباء أي الدواهي والشدائد. ترتب القاموس ١/ ٢٤١.
(٥) في بعض النسخ الخياط وليس لها معنى عندي. قال أبو عبيد كانوا يزعمون أن عظام الميت تصير هامة فتطير فيسمون ذلك الطائر الصدى الفتح ١٠/ ٢٤١.
(٦) البيت ذكره ابن منظور وعزاه لما عزاه له الشارح. لسان العرب ١٢/ ٦٢٤.

<<  <   >  >>