للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذ نفدَت أزواد القوم فهمّوا بنحرِ الإبل وأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال له عمر: يا رسولَ الله هلّا أمرت بالأزوادِ فجمعت ودَعوت الله فيها بالبركةِ (١) ففعلَ وارتحلوا فمطروا فنزلوا لأجل المطرِ وجلس النّبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد وخطبَ الناس يعني في مسجدِ العسكر لا مسجد المدينة (٢) فبينما هو يخطب إذ أقبلَ ثلاثة نفرٍ فذكرَ الحديثَ وكان عبدُ الله بن عمر


= من أتى مجلسًا فوجد فرجة فجلس فيها (٢١٧٦) والسياق السابق ليس فيه ذكر لغزوة تبوك ولم أجد من شراح , الموطأ من تابع ابن العربي على قوله ويظهر لي إنه جمع بين حديثين كما يأتي والرجال الثلاثة قال فيهم الحافظ لم أقف في شيء من طرق الحديث على تسمية واحد منهم ثم قال: وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه أي جازاه بأن سخط عليه وهذا مشاكلة لأن الإعراض هو الالتفات إلى جهة أخرى وذلك لا يليق بالله تعالى فهو مجاز عن السخط والغضب وهو محمول على أن من أعرض الله عنه إخباراً وادعاء وفي حديث أنس فاستغنى فاستغنى الله عنه وهذا يرجح كونه خبرًا. فتح الباري ١/ ١٥٦ - ١٥٧ وقال أبو عمر: يحتمل إنه منافق إذ لا يعرض غالبًا عن مجلسه - صلى الله عليه وسلم - إلا منافق بل بأن لنا بقوله: (فأعرض الله عنه) إنه منافق لأنه لو أعرض لحاجة ما قال ذلك القول فيه ومن كانت هذه حاله كان إعراض الله عنه سخطًا عليه. التمهيد ١/ ٣١٧، وانظر شرح الزرقاني ٤/ ٣٦٠.
(١) أما الحديث الثاني فقد رواه مسلم من رواية أبي صالح عن أبي هريرة قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسير قال: فنفدت أزواد القوم حتى هم بنحو بعض حمائِلهم قال: فقال عمر: يا رسول الله لو جمعت ما بقي من أزواد القوم فدعوت الله عليها، قال: ففعل فجاء ذو البر ببره وذو التمر بتمره قال: وقال مجاهد وذو النواة بنواه قلت: وما كانوا يصنعون بالنوى قال: كانوا يمصونه ويشربون عليه الماء قال: فدعا عليها حتى ملأ القوم أزودتهم ...
ورواه من طريق أخرى عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أو أبي سعيد شك الأعمش قال: لما كان غزوة تبوك أصاب الناس مجاعة قالوا: يا رسول الله لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا فأكلنا وادهنا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (افعلوا) قال: فجاء عمر فقال: يا رسول الله إن فعلت قل الظهر ولكن ادعهم بفضل أزوادهم ثم ادع الله لهم عليها بالبركة لعل الله أن يجعل في ذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (نعم) قال: فدعا بنطع فبسطه ثم دعا بفضل أزوادهم قال: فجعل الرجل يجيء بكف ذرة قال: ويجيء الآخر بكف تمر، قال: ويجيء الآخر بكسرة حتى اجتمع على النطع من ذلك شيء يسير قال: فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبركة ... مسلم في كتاب الإيمان (٤٤ - ٤٥) ورواه الإمام أحمد من الطريق الثاني ٣/ ١١.
(٢) أما قوله: (فارتحلوا لأجل المطر ...) فهو قريب من قول ابن هشام بلغني عن الزهري إنه قال لما مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحجر سجى ثوبه على وجهه واستحث راحلته ثم قال: (لا تدخلوا بيوت الذين ظلموا إلا وأنتم باكون خوفاً أن يصيبكم مثل ما أصابهم). قال ابن إسحاق فلما أصبح الناس ولا ماء معهم شكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسل الله سحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس واحتملوا حاجتهم من الماء. سيرة ابن هشام ٤/ ٥٢٢.
وعن ابن عباس قيل لعمر بن الخطّاب حدثنا عن شأن العسرة فقال عمر: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك في غيظ شديد فنزلنا منزلًا أصابنا فيه عطش شديد حتى ظننا أن رقابنا ستقطع حتى إن كان أحدنا يذهب يلتمس=

<<  <   >  >>