كتاب القبس في شرح موطأ مالك بن أنس

وناحيته كأنَّ العطاس يجل مرابط البدنِ ويفصل معاقده فيدعو له بأن يرد الله تعالى شوامته على حالها وسمته على صفته قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (فإذا عطس فليخمر وجهه) (١) كما أنه إذا تثاءبَ فليجعل يده على فمه ولا يفتحها للشيطان، فأنه يضحك به (٢) ولا يصرف وجهه يمينًا ولا شمالًا، فإن بعضهم قد صَرَفه فبقى كذلك مصروفًا طول عمره.

بابُ الصُّور (٣)

هذا بابُ عطيم لا يمكن استيفاؤه هنا، استوفيناه في مكانِه في شرح الحديث والأحاديث فيه متعارضة. ثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إن الملائكة لا تدخلُ بيتًا فيه كلب ولا صورة) (٤) وروي عنه إلا ما كان رقمًا في ثوب (٥)، وقد روي في أمرِ النمرقة أنه قالت له عائشة رضي الله عنها: اشريتها لك لتقعدَ عليها وتتوسدها فقال: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم احيوا ما خلقتم) (٦)، وروي أنه قام على الباب فرأى سترًا فرجع قال فقطعناه، فاتخذنا منه نمارَق (٧)، وكل هذا صحيح وهو متعارض ولَم يعرف منه

(١) لم أجده بلفظ (فليخمر وجهه) وإنما الذي وجدته من رواية أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه وخفض أو غض بها صوته، قال أبو داود شك يحيى "وهو ابن سعيد" أبو داود (٥٠٢٩)، والترمذي (٢٧٤٥)، وقال حسن صحيح، وأحمد ٢/ ٤٣٩، والبغوي في مصابيح السنة ٣/ ٢٩٨, والحاكم في المستدرك ٤/ ٢٩٣.
(٢) هذه رواية البخاري السابقة ٨/ ٦١.
(٣) الموطأ ٢/ ٩٦٥.
(٤) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه فإن في إحدى جناحيه داء وفي الأخرى شفاء ٤/ ١٥٨، ومسلم في كتاب اللباس (٢١٠٦)، من حديث ابن عباس عن أبي طلحة عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولاصورة).
(٥) متفق عليه أخرجه البخاري في اللباس باب من كره القعود على الصور ٧/ ٢١٦، ومسلم في اللباس والزينة (٢١٠٦) (٨٥)، والبغوي في شرح السنة ١/ ١٣٢٢ من طريق بشر بن سعيد عن زيد بن خالد عن أبي طلحة صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه الصورة) قال بشر: ثم اشتكى زيد فعدناه فإذا على بابه ستر فيه صورة فقلت لعبيد الله ربيب ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ألم يخبرنا زيد عن الصور يوم الأول، فقال عبيد الله: ألم تسمعه حين قال إلا رقمًا في ثوب.
(٦) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب اللباس باب من كره القعود على الصور ٧/ ٢١٦ ومسلم في اللباس والزينة (٢١٠٧) (٩٦)، وشرح السنة ١٢/ ١٢٨، والموطأ ٢/ ٩٦٦.
(٧) متفق عليه أخرجه البخاري في اللباس باب من لم يدخل بيتًا فيه صورة ٧/ ٢١٧، ومسلم في اللباس والزينة =