للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اجتماع النار عليه من كل وجهٍ فيه وفي أبيه وفي جهته ومحله ومسكنه فأخرجها عُمر له في الدنيا رجاء أن يعصمَهُ الله تعالى منها في الآخرةِ وكانَ ذلك تعليمًا لتحسين الأسماء. أخبرني الطيوري الخطيب أبو بكر البغدادي (١)، أخبرنا أبو محمَّد الحسن بن محمَّد الخلال (٢). قال: دخلَ بي أبي على بعضِ الشيوخ الصوفية فقال لي: ما اسمك؟ قلت: حسن، قال: إن الله حسَّن لك اسمك فحسن له فعلك.

ما جاء في المشرق (٣)

إستفاض على لسانِ النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن جهة المشرق، وذكر أن فيه الفتنة وفيها الفدادون (٤) أهلها وكانت في ذلك الوقت نجد كلها كفرًا ومن جملتها العَراق الذي كرهِ "كعب لعُمر بن الخطّاب رضي الله عنه دخوله لأنّ الله تعالى قَدر فيه باطلًا كثيراً وهو السحر ولأجل هذا عدَلت إليهِ فسقة الجِنُّ وبها الداء العضال" (٥)، يريدُ الهلاك في الدينِ وكذلك كانَ منها نشأة البدع ومنه طارت إلى الآفاق ولذلك كان مالك رضي الله عنه يسمّي الكوفة


(١) تقدمت ترجمته.
(٢) هو الحافظ المجود محدث العراق أبو محمَّد الحسن بن أبي طالب محمَّد بن الحسن بن علي البغدادي الخلال أخو الحسين ولد سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة ومات سنة تسع وثلاثين وأربعمائة. سير النبلاء ١٧/ ٥٩٣ وانظر تاريخ بغداد ٧/ ٤٢٥، الأنساب ٨/ ٢١٥، المنتظم ٨/ ١٣٢ - ١٣٣، اللباب ١/ ٤٧٣، تذكرة الحفاظ ٣/ ١١٠٩ - ١١١١، والعبر ٣/ ١٨٩ طبقات الحفاظ (٤٢٦).
(٣) الموطأ ٢/ ٩٧٥ وذكر فيه حديث عبد الله بن عمر إنه قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشير إلى المشرق ويقول: (ها إن الفتنة ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان) وقد أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق باب صفة إبليس ٤/ ١٥٠ ومسلم في الفتن وأشراط الساعة باب الفتنة في المشرق من حديث يطلع قرنا الشيطان (٢٩٠٥).
(٤) في ج العدادون ولعل ما في الأصل هو الصواب فالفدادون الجمالون والرعيان والبقارون والحمارون والفلاحون وأصحاب الوبر والذين تعلو أصواتهم في حروثهم ومواشيهم والمكثرون من الإبل، ترتيب القاموس ٣/ ٤٥٦.
(٥) مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطّاب أراد الخروج إلى العراق فقال له كعب الأحبار: لا تخرج إليها يا أمير المؤمنين فإن بها تسعة أعشار السحر وبها فسقة الجن وبها الداء العضال. الموطأ ٢/ ٩٧٥.
قال الباجي: كان معظم السحر ببابل وهي من أرض العراق فأخبر أن معظمه هناك وقوله وبها فسقة الجن يحتمل إنه وجد ذلك في بعض الكتب التي قرأها فإن مثل هذا لا يعلم إلا بتوقيف وبها الداء العضال يريد الذي يعي الأطباء وهذا أصله ثم استعمل في كل أمر يتعذر محاولته من أمر دين أو دنيا. وعن مالك الداء العضال الهلاك في الدين وقال محمَّد بن عيسى وغيره من أهل العلم: البدع في الإِسلام ومعنى هذا إن صح في وقت دون وقت وقد سكن الكوفة أفضل الصحابة ومن العشرة كعلي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وعبدَ الله بن مسعود وجماعة من البدريين وغيرهم. المنتقى ٧/ ٢٩٩.

<<  <   >  >>