للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اعترض الخليل عليه السلام في أهله (١)، ولكن الله تعالى عصمه بآيته وسخّر الكافِرَ ليهبَ له الوليدةَ لخدمتِه وأما وجه الطلب فيتعدد إلى أنواع كثيرة الحاضرُ الآن من أمَّهاته (٢) ثمانية.

الأول: سفر العبرة: قال الله تعالى: {أولم يسيروا في الأرض فينظروا} (٣)، فمنَ المندوب إليه أن يعتبر الرجلُ في الأرض في آياتِ الله تعالى، وإن كان له في نفسه أعظم عبرةً ولهذا سافر ذو القرنين يتبع الأسباب (٤)، وينظر في الملكوت الأرضي وما فيه من عجائب الصنعة الدالة على سعة القدرة.

الثاني: سفر الحج: والأول ندب وهذا فرض، لكنه أخص منه، وفيه أيضًا عبرة شنعاء، فإنه يرى أوحش بقعة في الأرض إلى خلق الله تعالى بوادٍ غيرَ ذي زرع، فيه حجارة مجموعة ليسَ لها شارة جمال تعلقت بها قلوب الخلق واستشعروا فيها رضي الحق، وهذه عبرة تدل على سعة القدرة وعظيم الحكمة.

الثالث: سفر الجهاد: وله أحكامه.

الرابع: سفر المعاش: وهو الاحتطاب أو احتشاش أو صيدٍ أو تجارة.

الخامس: سفر التجارة للكسب: وذلك ما أذنَ الله تعالى فيه لعبادهِ لما علِمَ من علاقة قلوبهم بالاستكثار من الدنيا, ولأنه سبحانه فَرق المنافع على المشرقِ والمغرب ثم اصطفى قوماً لعبادتِه واستخدم آخرين في جلبِ المنافع من بلدٍ إلى غيره ليتم بذلك ما ضمنَ من رزقهِ ومصلحتِه.


(١) ورد ذلك من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات اثنتين منهن في ذات الله عزّ وجلّ قوله إني سقيم وقوله بل فعله كبيرهم هذا، وبينا هو ذات يوم وسارة إذ أتى على جبار من الجبابرة فقيل له: إن ههنا رجلًا معه امرأة من أحسن الناس فأرسل إليه فسأله عنها فقال: من هذه؟ قال: أختي سارة، فأتى سارة قال: يا سارة ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك وإن هذا سألني فأخبرته أنكِ أختي فلا تكذبيني ...) البخاري في كتاب الأنبياء باب قول افى تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خليلًا} ٤/ ١٧١.
(٢) في ج من أمهاتها.
(٣) {أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف وإن عاقبة الذين من قبلهم ...} سورة فاطر الآية (٤٤).
(٤) قال تعالى: {ويسألونك عن ذى القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرًا إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا فاتبع سببا} الكهف آية (٨٣, ٨٤ , ٨٥).

<<  <   >  >>