للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن بني إسرائيل ولا حَرج) (١) وفي أحد التأويلات هذا المثل الذي جَرى من لقمان في الإِحياء والإِماتة ورد مفسراً في حديث أبي موسى عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال: (مثل ما بعثني الله بهِ من الهدى والحكمة كمثل غيثٍ أصَابَ أرضاً ...) (٢) الحديث. إلى غيرِ ذلك من الآثار البديعةِ. وأبهم مالك رضي الله عنه الترجمة في قوله طلب العلمِ على ما نبهنا عَليهِ من أغراضهِ في الإبهامِ, لأن العلم ينقسم من جهة طلبَه إلى قسمين: واجب، ومندوب.

فالواجب العلمُ بالله تعالى بأدلته التي نصبها طريقاً إلى معرفته. أولَها وأُولاها بالإنسان نفسه ولذلك قال: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} (٣) فإذا أراد العبد أن يعلمَ ربه فليعلم نفسه، فإن كل حال من أحوالهِ تدل على صفةٍ من صفاتِ ربه عجزٌ بقُدرةٍ، وجهلٌ بعلم، ونقص بكمالٍ، إلى آخر القصَّةِ، والعلم بالوظائف التي رُتبت عليه لتقويم (٤) النفس على محجة السلوك إلى الله عَزَّ وَجَلَّ وغير ذلك مندوبٌ والباب عظيم طويل فليُطلب في شرح البخاري وغيره.

ما يتقى من دَعوة المظلوم

بوَّب مالك رضي الله عنه على الحديث المروي: (إتقوا دعوة المظلم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب) وأُدخلَ ذلك عن عمر رضي الله عنه (٥)، وذلك في كتابِ الله تعالى


(١) الحديث أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء ٤/ ٢٠٧ من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب عليّ متعمداً فليتبوّأ مقعده من النار).
(٢) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب العلم باب فضل من عَلِمَ وعَلّمَ ١/ ٣٠، ومسلم في الفضائل باب بيان مثل ما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - من الهدى والعلم (٢٢٨٢) من حديث أبي موسي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن مثل ما بعثني الله به عزّ وجل من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً فكانت منها طائفة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا ورعوا وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه بما بعثني الله به: فعلِمُ وعَلّمَ ...).
(٣) سورة الذاريات آية (٢١).
(٤) في بقية النسخ ليقوم النفس.
(٥) مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب استعمل مولى له يدعى هُنياً على الحمى فقال: يا هُني =

<<  <   >  >>