للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكثيرها، ما خلا الدم فإنه يعفى عن يسيره لوجهين؟

أحدهما: أنه لم يحرم منه إلا الكثير لقوله تعالى: {أَوْ دَماً مَسْفُوحاً} (١). والثاني: عدم إمكان الاحتراز منه فإن البدن لا يخلو في الغالب عنه، فسمحت الشريعة بيسيره رفعاً للحرج، ودم الحيض كسائر النجاسات لا يعفى عن شيء منه لانه يمكن الاحتراز عنه. هذا صحيح الروايات ولباب الدلالات فاحذروا ما عداه وقد روى في حديث الأعرابي الذي بال في المسجد الإمامان محمَّد بن إسحاق (٢) وعلي (٣) بن عمر أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -: (أَمَرَ بِحَفْرِ الْمَوْضِعِ وَطَرَحَه مِنَ (٤) الْمَسْجِدِ) وصححاه والذي ثبت في


= أقول: الحديث فيه أبو جعفر الرازي التميمي مولاهم، مشهور بكنيته واسمه عيسى ابن أبي عيسى عبد الله ابن ماهان، وأصله من مرو، وكان يتجر إلى الري صدوق سيء الحفظ خصوصاً عن المغيرة من كبار السابعة. مات في حدود ٦٠/ بخ عـ ت ٢/ ٤٠٦، وانظر ت ت ١٢/ ٥٦، والكامل ٥/ ١٨٩٤، الضعَفاء ٣/ ٣٨٨، الميزان ٣/ ٣١٩ - ٣٢٠، المجروحين ٢/ ١٢٠، الكاشف ٣/ ٣٢٢، المغني ٢/ ٥٠٠.
درجة الحديث: جزم الدارقطني بأنه مرسل، وهو من خلال الإسناد حسن لغيره من أجل أبي جعفر الرازي.
(١) سورة الأنعام آية ١٤٥.
(٢) محمَّد بن إسحاق بن خزيمة السلمي أبو بكر، إمام نيسابور في عصره، كان فقيهاً مجتهداً عالماً بالحديث، ولد سنة ٢٢٣ - ٣١١ طبقات الشافعية للسبكي ٢/ ١٣٠، وللسيوطي ص ٣٤٥.
وقد أخرج الحديث في صحيحه ١/ ١٤٨ من طريق أنس ولكنه بلفظ مغاير لما ساق الشارح هنا.
(٣) علي بن عمر بن أحمد بن أحمد، أبو الحسن الدارقطني، ولد سنة ٣٠٦ - ٣٨٥ وكان إمام عصره في الحديث. الإعلام ٥/ ١٣٠، تاريخ بغداد ١٢/ ٣٤، النهاية ١/ ٥٥٨،اللباب ١/ ٤٠٤.
(٤) رواه الدارقطني قال: ثنا بن صاعد ثنا عبد الجبار بن العلاء ثنا ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن أنس أن أعرابياً بال في المسجد فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، "احْفُروا مَكَانَهُ ثُمَّ صبُّوا عَلَيْهِ ذنُوباً مِنْ مَاءٍ" قال الحافظ: وأعله الدارقطني بأن عبد الجبار تفرد به دون أصحاب ابن عيينة الحفاظ، وأنه دخل عليه حديث في حديث وأنه عند ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس مرسلاً وفيه: احفروا مكانه.
وعن يحيى بن سعد عن أنس موصولاً. والطريق المرسلة مع صحة إسنادها إذا انضمت إلى أحاديث الباب أخذت قوة وقد أخرجها الطحاوي مفردة من طريق ابن عيينة عن عمرو بن طاوس، وكذا رواه سعيد بن منصور عن ابن عيينة. التلحيص ١/ ٤٩، وانظر معاني الآثار ١/ ١٤. وعزاه الهيثمي لأبي يعلى فقال: رواه بإسناد رجاله رجال الصحيح عن أنس. مجمع الزوائد ١/ ٢٨٦. وذكر الحافظ الطريق المرسلة شواهد فمنها ما أخرجه أبو داود والدارقطني من حديث عبد الله بن مغفل بن مقرن، وهو تابعي، قال: قام أعرابي في زاوية من زوايا المسجد فبال فيها. فقال النبيُّ، - صلى الله عليه وسلم -: "خُذُوا مَا بَالَ عَليْهِ مِنَ التُّرَابِ فَألقُوهُ ... " قال أبو داود روي مرفوعاً يعني موصولاً ولا يصح.
التلخيص ١/ ٤٩، سنن أبي داود ١/ ٢٦٥، والدارقطني في السنن ١/ ١٣٢، وقال مرسل، ورواه =

<<  <   >  >>