للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنفسكم سبيل هذه العقائد ووطِّنوها على تحصيل هذه المعارف فإنها أصل التوحيد.

تأصيل: روي أن النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، علَّمه الله الأذان ليلة الإسراء في السماء بهيئته وصفته (١) ثم كان النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بمكة على تقية من الكفار فلم تكن صلاته ولا صلاة أصحابه بمكة إلا اختلاساً حتى كانت الهجرة ونزل بدار النصرة وتألفت بالإِسلام الكلمة والتأمت على الصلاة الجماعة، فلو أنه يكلف كل أحد أن يترصد الوقت مع ما هم فيه من التخوف، وينتابهم من الأشغال، لشق ذلك عليهم فتشاوروا كيف يكون الاجتماع فاختلفت في ذلك الروايات اختلافاً كثيراً لو سردناه لطال المقال ووقع الملال، لبابها حديثان:

الأول: الحديث الصحيح. "أَنَّ النَّاسَ تَشَاوَرُوا مَع رَسُولِ الله، - صلى الله عليه وسلم -، كَيْفَ يَرْبُطُونَ الصَّلَاةَ لِوَعْدٍ يَجْتَمِعُونَ إلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ عُمَرُ، رَضَىِ لله عَنْه: أَلَّا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادي بالصلاةِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ، - صلى الله عليه وسلم -: يَا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ بالصَّلاةِ" (٢).

الحديث الثاني: أن النَّبِيَّ، - صلى الله عليه وسلم -، أرادَ أن يَتَخِذَ خَشَبَةً أو نَاقُوسَاً لِيَعْلَمُوا بِهِ وَقْتَ الصَّلَاةِ، فَبَيْنَمَا عَبْدُ الله بْنُ زَيْدٍ نَائِمٌ إِذْ رَأَى بِيَدِ رَجُلٍ نَاقُوساً فَقالَ: إِنَّ هذَا لَنَحْوَ مَمَّا يُريدُهُ رَسُولُ الله، - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ لِلَّذِي رَآهُ بَيَدِهِ: أَتُبِيعُهُ؟ فَقَالَ لَهُ. وَمَاذَا تُرِيدُهُ؟ فَأَعْلَمَهُ بِالغَرَضِ فَقَالَ لَهُ: أَولَا أَدُلُّكَ عَلى خَيْرٍ مِنْ ذلِكَ؟ فَقَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ. تُنَادونَ بِالصَّلَاةِ، وَأَلْقَى عَلَيْهِ الأذَانَ، فَلَمّا أَصْبَحَ جَاءَ عَبْدُ الله بْنُ زَيدٍ إِلَى رَسُولِ الله، - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرَ لَهُ ذلِكَ فَقَالَ


(١) روى الطبراني في الأوسط من طريق سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه لما أَسري برسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، إلى السماء أوحى إليه بالأذان فنزل به فعلمه جبريل. قال الهيثمي، بعد عزوه للطبراني: فيه طلحة بن زيد وقد نسب إلى الوضع. مجمع الزوائد ١/ ٣٢٩ وقال الحافظ، في فتح الباري: وردت أحاديث تدل على أن الأذان شُرِّع بمكة، ثم ساق هذا الحديث وقال: وفي إسناده طلحة بن زيد وهو متروك. ثم ساق حديثاً آخر عن أنس أن جبريل أمر النبيَّ، - صلى الله عليه وسلم -، بالآذان حين فُرضت الصلاة، وقال. إسناده ضعيف أيضاً، ثم قال: ولابن مردويه من حديث عائشة مرفوعاً: لَمَّا أُسْرِيَ بِي أَذَّنَ جِبْرِيلُ فَظَنَّتِ الْمَلاَئِكَة أنَّهُ يُصَلِّي بِهِمْ، فَقَدَّمَنِي فصَلَّيْتُ وَفِيهِ مَنْ لَا يُعْرَف .. ثم قال: والحق إنه لا يصح شيء من هذه الأحاديث، وقال: وقد جزم ابن المنذر بأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بغير آذان منذ فرضت الصلاة بمكة إلى أن هاجر إلى المدينة وإلى أن وقع التشاور في ذلك، على ما في حديث عبد الله بن زيد. فتح الباري ٢/ ٧٨ - ٧٩. وهذه الأحاديث كلها ضعيفة كما قال الحافظ.
(٢) الحديث متفق عليه من رواية ابن عمر فقد أخرجه البخاري في كتاب الصلاة باب بدء الآذان ١/ ١٥٧، ومسلم في كتاب الصلاة باب بدء الآذان ١/ ٢٨٥، والترمذي ١/ ٣٦٢، والنسائي ٢/ ٢، وأحمد رقم ٦٣٥٧ ج ٢/ ١٤٨.

<<  <   >  >>