للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الأقوال فهو التكبير ولا خلاف فيه في الجملة، وقد قال الشافعي: يستحب له أن يتكلم بلسانه بنيته فيقول أؤدي ظهر الوقت ثم (١) يكبر، وهي بدعة ما رويت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أحد من السلف إما أنه يستحب للمشوش الخاطر الموسوس الفكر إذا خشي ألا يرتبط له في قلبه عقد النية أن يعقده بالقول حتى يذهب عنه اللبس. والأصل في وجوب التكبير قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} (٢) وبهذا تعلق (ح) في أنه يجوز افتتاح الصلاة بكل اسم من تعظيم الله تعالى. ولو كان بغير العربية حتى لو قال بزرك خداي (٣) لانعقدت (٤). وقال (ش) لو قال الله الأكبر لانعقدت (٥). وقال أبو يوسف الله الكبير لانعقدت (٦). وههنا تنزيل في النظر يبصركم إن استبصرتم ثم مدارج الفكر قوله تعالى: {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى}. قوله تبارك وتعالى محتمل لكون المراد بالذكر النية أو الذكر باللسان، وربما كان كون النية مراداً به أظهر لأن محل الذكر محل النسيان لأنه ضده والنسيان لا يصح تضادهما إلا على المحل الواحد، فعلى هذا لا حجة لأبي حنيفة فيه. وإن قلنا إن المراد بذلك الذكر باللسان ففي القرآن الأمر بالذكر مطلقاً، وفي السنة الأمر به مقيداً بصفته ووقته فكان أولى. وإذا تعيَّن التكبير حسب ما عينه الرسول قولاً للأعرابي إذ أعلمه الصلاة فقال له كَبِّرْ وبيَّنه، - صلى الله عليه وسلم -، فعلاً حين قال: الله أَكْبَر (٧)، فلا يجوز زيادة الألف واللام فيه لأنها زيادة على البيان في عبادة لا مجال للقياس فيها وأيضاً فإن زيادة الألف واللام تُوهِم تخصيصاً بنفي اشتراك كان قبلها وليس مع الله أكبر احتمال ولا لله


الأذنين، ويؤيده رواية أخرى عن وائل عند أبي داود بلفظ (حَتَّى كَانتا حَيَالَ مَنْكَبَيْهِ وَحَاذي بِإِبْهَامِهِ أذنيه) وبهذا قال المتأخرون من المالكية فيما حكى ابن الشاسي في الجواهر. فتح الباري٢/ ٢٢١.
(١) انظر كلامه في الأم ١/ ٨٦، وقال في المهذب: ومن أصحابنا من قال ينوي بالقلب ويتلفظ باللسان وليس بشيء لأن النية هي القصد بالقلب. المهذب مع شرحه المجموع ٣/ ٢٧٦.
(٢) سورة الأعلى آية ١٤ - ١٥.
(٣) هذه كلمة فارسية - ومعناها الكبير.
(٤) انظر مذهب أبي حنيفة في تحفة الفقهاء للسمرقندي ١/ ٢١٥، وفتح القدير لابن الهمام ١/ ١٩٨، واللباب في شرح الكتاب للقدوري ١/ ٦٧، وأحكام القرآن للجصاص ٣/ ٤٧٢.
(٥) انظر الأم ١/ ٨٧.
(٦) انظر مذهب أبي يوسف في تحفة الفقهاء للسمرقندي ١/ ٢١٥، واللباب في شرح الكتاب ١/ ٦٧، وشرح فتح القدير ١/ ١٩٩.
(٧) متفق عليه أخرجه البخاري في صفة الصلاة باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها في الحضر والسفر ويجهر فيها ويخافت ١/ ١٢٦، وفي باب استواء الظهر في الركوع ١/ ١٣١ وفي كتاب الاستئذان باب =

<<  <   >  >>