للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نسخ قيام الليل بوجوب صلاة الفرض وأن المراد بالقراءة ههنا الصلاة، لكن لما قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -: "لا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقُرَأْ بِفَاتِحِةِ الْكِتَاب" واختلف الناس في هذا الأصل هل يحمل هذا النفي على التمام والكمال، أو يحمل على الإجزاء، اختلفت الفتوى بحسب اختلاف حال الناظر. ولما كان الأشهر في هذا الأصل والأقوى أن النفي على العموم كان الأقوى من رواية مالك، رضي الله عنه، أنَّ من لم يقرأ الفاتحة في صلاته بطلت (١).

المسألة الرابعة: ثم نظرنا في تكرارها في كل ركعة، فمن تأمَّل قولَ النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، للأعرابي: "ثُمَّ افْعَلْ كَذلِكَ في صَلاَتِكَ كُلَّهَا" لزمه أن يعيد القراءة كما يعيد الركوع والسجود على أنه قد روي أيضاً حديث من طرق كثيرة "كُلُّ رَكْعَةٍ لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِأمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ" (٢) هذا مع النظر في أن القيام فرض في الثانية وما بعدها، والقيام لا يراد لنفسه وإنما هو محل لغيره.

المسألة الخامسة: الركوع والسجود ولا خلاف فيهما لأنهما ثبتا قرآناً (٣) وسنةً،


(١) قال ابن عبد البر روي عن مالك أنه قال: من لم يقرأ بفاتحة الكتاب في ركعتين من صلاته فسدت صلاته. وروي عنه وعن جماعة من أهل المدينة أن من لم يقرأها في كل ركعة فسدت صلاته إلا أن يكون مأموماً وهو الصحيح من القول عندنا. الكافي ١/ ٢٠١.
(٢) روى ابن ماجه من طريق أبي سفيان السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -"لَا صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأَ في كل رَكْعَةٍ بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ} وَسُورَةٍ في فَرِيضةٍ أَوْ غيرهَا" ابن ماجه ١/ ٢٧٤، ورواه ابن عدي في الكامل ٤/ ١٤٣٦، وابن حبان في المجروحين ١/ ٣٨١.
أقول: الحديث فيه طريف بن شهاب، أو ابن سعد السعدي البصري الأشل، بالمعجمة، ويقال له الأعم بمهملتين، ضعيف من السادسة/ ت ق/ ت ١/ ٣٧٧ وقال في ت ت: قال النسائي: متروك الحديث، وقال مرة: ضعيف الحديث، ومرة ليس بثقة. وقال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه ضعيف الحديث ت ت ٥/ ١١ - ١٢ وانظر الكامل ٤/ ١٤٣٦، والمجروحين ١/ ٣٨١، الميزان ٢/ ٣٣٦.
درجة الحديث: ضعيف. قال الزيلعي: هو معلول، وقال: قال عبد الحق: لا يصح هذا الحديث من أجله (أي من أجل طريف) نصب الراية ١/ ٣٦٣، كما ضعَّف إسناده الحافظ في التلخيص ١/ ٢٣٢ وقد تابعه قتادة في أبي نضرة عن أبي سعيد قال: (أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر) أبو داود ١/ ٥١١ - ٥١٢. وهذه المتابعة صححها الحافظ في تلخيص الحبير ١/ ٣٣٢ ولعله يرتقي بها إلى درجة الحسن لغيره، والله أعلم.
(٣) دليله قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} سورة الحج، آية ٧٧.
وقال ابن هبيرة: أجمعوا على أن فروض الصلاة سبعة وذكر منها الركوع والسجود. الإفصاح عن معاني الصحاح ١/ ١٢٢.

<<  <   >  >>