للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاشتراك مع الملائكة.

الرابع: الموافقة في الكيفية وهو بأن يدعو لنفسه وللمسلمين كما تفعل الملائكة لأنها تدعو لجميع الأمة، كما أخبر الله تعالى عنهم في قوله: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ في الأَرْضَ} (١).

الخامس: أن يدعو في طاعة ولا يمزجها بدنيا فإنها أقرب إلى الإجابة.

وقوله: "غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" فيه فائدة حسنة، وهي أنه يغفر له وإن لم يسأل المغفرة لأن الملائِكةِ سألتها له لقوله تعالى: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} فأما وقوع المغفرة للذنوب فإنها تكون على الوجه الذي بيَّنَّاه في التفضيل بين الصغائر والكبائر في كتاب الوضوء حسب ما تقدم. وأما قوله "سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ" فيحتمل أن يكون خبراً عن فضل الله تعالى، ويحتمل أن يكون دعاء إلى الله تعالى وإن جاء بلفظ الخبر وهو أظهر وقول المأموم (رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ) جواب لهذا الدعاء وامتثال لمقتضاه تقوله الملائكة كما يقوله المأموم حسبما ورد في الخبر والموافقة كالموافقة المتقدمة.

حديث عبد الله بن عمر "اصْنعْ كَمَا كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُ ثم قال وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا وَأَشَارَ بِالأُصْبعِ التِي تَلِي الإِبْهَامَ" (٢).

وروى أحمد بن حنبل عن خُفاف (٣) بن إِيماء "قَالَ كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أشَارَ بِأُصْبَعِهِ كَذلِكَ في الصَّلاَةِ تَقولُ قرَيْشُ هذَا مُحمَّد يَسْحَرُ النَّاسَ وَإِنَّمَا كَانَ يُوَحِّدُ الله" (٤) فنص على فائدة الإشارة ولهذا ينبغي له أن يقبض الإِبهام ولا يمدها معها ويعقد


(١) سورة الشورى آية ٥.
(٢) الموطّأ ١/ ٨٨، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صفة الجلوس في الصلاة ١/ ٤٠٨، والترمذي وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن عمر من هذا الوجه. سنن الترمذي ٢/ ٨٨ - ٨٩، والنسائي ٢/ ٢٣٦ - ٢٣٧، كلهم من حديث علي بن عبد الرحمن المعاوي أنه قال: "رَآنِي عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ وَأنَا أعْبَثُ بِالْحَصى في الصَّلاَةِ فَلَمَّا انْصَرَفَ نَهَاني فَقَالَ: اصْنَعْ كَمَا كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُ .. ".
(٣) خُفاف، بضم أوله وفائين، ابن إيماء، بكسر الهمزة بعدها تحتانية ساكنة، الغفاري صحابي مات في خلافة عمر، رضي الله عنه/ م ت ١/ ٢٢٤ ت ت ٣/ ١٤٧.
(٤) رواه أحمد. انظر الفتح الرباني ٤/ ١٢ وعزاه الهيثمي في المجمع إلى الطبراني في الكبير وقال: رجاله ثقات. مجمع الزوائد ٢/ ١٤٠.
درجة الحديث: صحيح.

<<  <   >  >>