للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما شروط الأداء فهي الإسلام لأن العبادة لا تصح من كافر، وقد فصل بعض علمائنا فجعل الإِسلام من شروط الوجوب، ولا خلاف في مذهب مالك، رحمه الله، من جميع رواياته، ولا عند أصحابه في أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، ولا توجد أبداً لواحد منهم رواية تخالف هذا الأصل فالفتوى (١) ذلك واعرفوه.

ولها في الأداء شروط الصلاة المطلقة من الطهارة والستر والاستقبال. ومن شروطها الخطبة المعددة المفصولة بجلوس (٢)، ومن شروطها الإِمام ولسنا نعني به الأمير وإنما نريد به من يقيمها (٣).

وقد قال في ذلك مالك، رضي الله عنه، كلمة لا يخرج مثلها إلا من مشكاة فصاحة النبوة "إنَّ للِّه تَعَالَى فَرَائِضَ في أَرْضِهِ لَا يُضَيُّعَهَا إِنْ وَليَهَا وَالٍ أوْ لَمْ يَلِهَا" (٤).

والبحر الذي استمد منه مالك هذا الكلام العذب هو إقامة الصحابة لصلاة الجمعة وعثمان، رضي الله عنه، محصور واجماع عثمان معهم على ذلك بقوله وقد سئل (إِنه يُصَلِّي لَنَا إِمَامُ فِتْنَةٍ فَقَالَ الصَّلاَةُ أَحْسَنُ مَا يَفْعَلُ النَّاسُ فَإِنْ أحْسَنُوا فَاحْسِنُ مَعَهُمْ وَإِنْ أسَاؤُوا فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتَهُمْ) (٥). قال علماؤنا: ومن شروط أدائها المسجد المسقف وما علمت لهذا


(١) في (ك) و (م): الجارة غير وأضحة.
(٢) متفق عليه البخاري في كتاب الجمعة باب القعدة بين الخطبتين ٢/ ١٤، ومسلم في كتاب الجمعة باب ذكر الخطبتين وما فيهما من الجلسة ٢/ ٥٨٩ من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَقْعُدُ بَيْنَهُمَا".
(٣) هذا هو رأي الجمهور، وخالف الحنفية فقالوا: إذن السلطان شرط فلا تجوز إقامتها إلا للسلطان أو لمن أمره السلطان. انظر شرح فتح القدير ١/ ٤١١ وقال النووي: مذهبنا إنها تصح بغير إذنه (أي السلطان) وسواء كان السلطان في البلد أم لا، وحكاه ابن المنذر عن مالك وأحمد وإسحاق وأبي ثور، وقال الحسن البصري والأوزاعي وأبو حنيفة: لا تصح الجمعة إلا خلف السلطان أو نائبه. المجموع للنووي ٤/ ٥٨٣، وانظر الكافي لابن عبد البر ١/ ٢٤٩.
(٤) المدوّنة الكبرى ١/ ١٥٣.
(٥) رواه البخاري في كتاب الأذان باب إمامة المفتون والمبتدع ١/ ١٧٨.
قال أبو عبد الله: وقال لنا محمد بن يوسف حدثنا الأوزاعي حدثنا الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن عبيد الله بن عدي بن خيار أنه دخل على عثمان بن عفان، رضي الله عنه، وهو محصور فقال: إنك إمام عامة ونزل بك ما ترى ويصلي لنا إمام فتنة .. =

<<  <   >  >>