للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في حديثه المذكور في صرعة الفرس: وكان أبو بكر عن يسار النبي، - صلى الله عليه وسلم -، يسمع الناس (١).

فأما كونه معه في مرضه فأشهر من ذلك كله حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (صَلَاةُ أَحدِكُمْ وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى النِّصفِ مِنْ صَلَاتِهِ وَهُوَ قَائِمٌ، قَالَ عَبْدُ الله بْن عَمْرو فَجِئْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَوَجَدْتُهُ يُصلِّي فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى رَأْسِهِ فَقُلْتُ لَهُ. يَا رَسُولَ الله قُلتُ) (٢) الحديث. قال الإمام (٣) أبو بكر: وإنما وضع يده على رأسه لأحد وجهين:

إما تعظيمًا كأنه قبّلها بعد ذلك على سبيل التبرك.

وإما لأنه كان في ظلمة فلم يشعر به حتى وجد (٤) رأسه الكريم وهذا إنما يكون في النافلة.

وأما في الفريضة فأجر القاعد كأجر القائم، ولا سيما إن كان من كبر سن، أو من حالة تشق فإن ذلك أدعى إلى كمال الأجر.


= قال عليه السلام (لا يؤَمِّنُ أحَدٌ بَعْدي جالسًا وهذا لو صح إسناده لكان مرسلًا والمرسل عندنا وما لم يرو سيان). وقال الشيخ أحمد شاكر: الصحيح الراجح عندنا ما ذهب إليه أحمد بن حنبل من أن الإمام إذا صلى جالسًا لعذر وجب على المأمومين أن يصلوا وراءه جلوسًا على حديث أنس وعائشة، إلى أن قال: ودعوى النسخ يردها سياق أحاديث الأمر بالقعود وألفاظها؛ فإنَّ تأكيد الأمر بالقعود بأعلى ألفاظ التأكيد مع الإنكار عليهم بأنهم كادوا يفعلون فعل فارس والروم يبعد معها النسخ إلا إنْ ورد نص صريح يدل على إعفائهم من الأمر السابق، وأن علة التشبه بفعل الأعاجم زالت وهيهات أن يوجد هذا النص، بل كل ما زعموه للنسخ هو حديث عائشة، أعني صلاة النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في مرض موته مع أبي بكر، ولا يدل على شيء مما أرادوا وعلى كل حال هذه مسألة تضاربت فيها آراء العلماء، ومن أراد التوسع فعليه بالرجوع إلى نصب الراية ٢/ ٤٩، الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار ص ١١٠ - ١١٣، ونيل الأوطار ٣/ ٢٠٨ - ٢٠٩، الرسالة للشافعي ص ٢٥٤.
(١) مسلم في كتاب الصلاة باب إتمام المأموم بالإمام ١/ ٣٠٩.
(٢) مسلم كتاب صلاة المسافرين باب جواز النافلة قائمًا وقاعدًا. ١/ ٥٠٧، والنسائي ٣/ ٢٢٣، وابن ماجه ١/ ٣٨٨، وفيه: فَقَالَ مالِكٌ يَا عَبْدَ الله بْنَ عَمْرو قلْتُ حُدِّثْتُ يَا رَسُولَ الله أَنَّكَ قُلْتَ صَلَاة الرجُلِ قَاعِدًا على نصْف الصَّلاَةِ وَأنْتَ تُصَلِّي قَاعِدًا قَالَ أجلْ وَلَكِنِّي لَسْتُ كَأحَدٍ مِنْكُمُ) لفظ مسلم من حديث عبد الله بن عمرو.
(٣) هو ابن العربي.
(٤) في (ك) و (م) وضع يده على رأسه.

<<  <   >  >>