للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روينا في الأحاديث المنثورة أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال. "إِنَّ الله وَكَّلَ بِالصَّلَاةِ عَلَيَّ مَلَكًا يُبَلِّغُنِي صَلَاةَ كُلِّ مِنْ يُصَلِّي عَلَي مِنْ أُمَّتي" (١).

الثامن: أنه أراد أن يبقى له ذلك لسان صدق في الآخرين مقرونًا بما وهب الله تعالى من ذلك لإِبراهيم.

التاسع: أن معناه اللَّهمَّ ارحمه رحمة في العالمين تبقي له بها دينه إلى يوم الدين.

العاشر: أن معناه اللَّهمَّ صلِّ عليه صلاة تتخذه بها خليلًا كما اتخذت إِبراهيم خليلًا لا جرم فإنه - صلى الله عليه وسلم - قال في آخر خطبة خطبها. "لَوْكُنْتُ مُتَّخذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَليلًا لَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ الله" (٢).

وقد تتبعنا هذه الأقوال بالتنقيح، وشرحناها في شرح الصحيح فخذوها هنا جملة واطلبوها هنالك تفصيلًا (٣).


(١) النسائي ٣/ ٤٣، وأحمد، انظر الفتح الرباني ١٤/ ٣١١، والحاكم ٢/ ٤٢١، وقال صحيح الإِسناد، وأقره الذهبي، وأورده القاضي عياض في الشفاء انظره فيه مع شرحه لملاَّ علي القاري ٣/ ٨٢٤ وعزاه ملّا علي القاري أيضًا للبيهقي في الشعب وابن حبان، ورواه البغوي في شرح السنة ٣/ ١٩٧، والدارمي٢/ ٣١٧ وابن القيم في جلاء الأفهام ص ٢٧ كلهم من حديث ابن مسعود.
درجة الحديث: صحّحه الحاكم وأقره الذهبي، ونقل الشيخ البنا عن ابن حبان أنه صححه وقال: أورده الهيثمي وقال رجاله رجال الصحيح، وقال الحافظ العراقي الحديث متفق عليه دون قوله سياحين. الفتح الرباني ١٤/ ٣١١ وصححه الشيخ ناصر في تعليقه على المشكاة ١/ ٢٩١.
(٢) مسلم كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، ٤/ ١٨٥٥، والبغوي في شرح السنة ١٤/ ٧٧ كلاهما من حديث ابن مسعود.
(٣) قال النووي، بعد أن سرد بعض هذه الأقوال. والمختار في ذلك ثلاثة أقوال:
أحدها: حكاه بعض أصحابنا عن الشافعي، رحمه الله تعالى، أن معناه صلِّ على محمَّد، وتم الكلام هنا ثم استأنف وعلى آل محمَّد أي صلِّ على آل محمَّد كما صليت على إبراهيم، فالمسؤول له مثل إبراهيم وآله هم آل محمَّد - صلى الله عليه وسلم - لا نفسه.
القول الثاني: معناه: اجعل لمحمد وآله صلاة منك كما جعلتها لإبراهيم وآله. فالمسؤول المشاركة في أصل الصلاة لا قدرها.
القول الثالث: أنه على ظاهره والمراد اجعل لمحمد وآله صلاة بمقدار الصلاة التي لإِبراهيم وآله والمسؤول مقابلة الجملة فإن المختار في الآل .. أنهم جميع الأتباع. شرح النووي على مسلم ٤/ ١٢٥ - ١٢٦. وقال السد محمَّد الطاهر بن عاشور: إن التشبيه هنا تمهيد لبساط الإِجابة لأنه تعالى لما تفضل على إبراهيم بصلاة وبركة عظيمة كان مرجوًا أن يتفضل على محمَّد فإنه قد عرف من الله الفضل .. كشف المغطا ص ١٢٠.

<<  <   >  >>