للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخضروات، وقد كان بالطائف الرمان والفرسك (١) والأترج (٢) فما اعترضه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ولا ذكره ولا أحد من خلفائه ..

الجزية: هي فعلة من جازاه كأنها تجزىء عنهم فيما كان واجباً من القتل (٣). وقال (ش) (٤): تجزىء عنهم فيما لزمهم من كراء الدار إذا نزلوا بدار الإِسلام فتعيَّن عليهم الكراء، والصحيح أنها بدل عن القتل قال الله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ} (٥) الآية. سمعت أبا الوفاء علي (٦) بن أبي عقيل في مجلس النظر يتلوها ويحتج بها فقال {قَاتِلُوا} وذلك أمر بالعقوبة ثم قال: {الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} وذلك بيان للذنب الذي أوجب العقوبة، وقوله: {وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} تأكيداً للذنب في جانب الاعتقاد، ثم قال: {وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} زيادة للذنب في مخالفة الأعمال، ثم قال: {وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ} إشارة إلى تأكيد المعصية بالانحراف والمعاندة والأنفة عن الاستسلام، ثم قال: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} تأكيداً للحجة لأنهم كانوا يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل، ثم قال: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} فبيَّن الغاية التي تمتد إليها العقوبة وعيَّن البدل الذي ترتفع به، وهذا من الكلام البديع، فقبلها النبي، - صلى الله عليه وسلم -، حتى من المجوس، على ما رواه عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه.

لأن قوله: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} كما بينَّاه لم يكن شرطاً وإنما كان تأكيداً للحجة، وقال - صلى الله عليه وسلم -، في المجوس:"سُنَّوا بِهِم سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ" (٧)، وهذا عموم اتفق


(١) الفرسك كزبرج الخوخ أو ضرب منه أجرد أحمر أو ما ينفلق عن نولت. ترتيب القاموس ٣/ ٤٦٩.
(٢) الأترج والأترنج: واحدته أنرجة وأترجة. شجر من جنس الليمون. المنجد. في مادة اترج.
(٣) الجزية: أورد الحافظ في تفسيرها عدة أقوال، فقال: الجزية من جزأت الشيء إذا قسمته ثم سهلت الهمزة. وقيل من الجزاء أي لأنها جزاء تركهم ببلاد الإِسلام أومن الإجزاء لأنها تكفي من توضع عليه في عصمة دمه. فتح الباري ٦/ ٢٥٩.
(٤) انظر الروضة للنووي ١٠/ ٣٠٧ وفح الباري ٦/ ٢٥٩.
(٥) التوبة آية ٢٩.
(٦) تقدمت ترجمته.
(٧) البخاري في كتاب الجزية باب الجزية والموادعة مع أهل الحرب ٤/ ١١٧ من حديث بجالة قال: أتانَا كِتَابُ عُمَرَ ابْنِ الخَطَابِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ وَفِيهِ (وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ حَتَّى شَهِدَ عبد الرَّحْمنِ بْنُ عَوْفٍ أَن رَسُولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -، أَخَذَهَا مِنْ مَجوسِ هَجَر)، وأبو عبيد في الأموال ص ٤٠.
ورواه مالك في الموطأ ١/ ٢٧٨ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ محمَّدٍ عَنْ أبيهِ أن عُمَرَ بْنَ الْخَطابِ ذكَرَ الْمَجُوسَ فَقَالَ: =

<<  <   >  >>