للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

......................... لا قدَّرَ (١)، كما تأوَّله من نفى وجوبها. وأما أنا فأقول: معناه أوجَبَ وقدَّرَ وإن كانا مختلفين، وقد بيَّنَّا في أصول الفقه صحة تأول اللفظ الواحد للمعنيين المختلفين (وأما أنا فأقول معناه) (٢). وأما وقت وجوبها فالأظهر فيه من إضافتها. فإذا قيل لك ما هي؟ قلت: زكاة الفطر، فهذا اسمها الذي تُعرف فيه وسببها الذي تجب به (٣). وأما وقت أدائها فقيل الصلاة، وفي الحديث (هِيَ طُهْرَةٌ لِصِيَامِكُمْ مِنَ اللَّغْوِ وَالرفَثِ تُؤَدَّى قَبْلَ الصلاةِ فَمَنَ أداهَا بَعْدَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا هِيَ صَدَقَةٌ) (٤). وأما اعتبار النصاب فيها فهو مذهب (ح) (٥)، وذلك ساقط لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ذكر فرضها مطلقاً وأخذها من كل أحد، ولو اعتبر فيها النصاب لوجبت فيه كسائر الصدقات. فإن قيل فما تجدون فيها؟ قلنا: هي مسألة اجتهادية ليس فيها نصٌّ ولا لها نظير فمن بقى عنده، بعد أدائها، قوت يومه فليخرجها إن قدر من قِبَلِهِ، وإن لم يقدر فليس وراء ذلك أصل يرجع إليه، ولا دليل يعول عليه، بيد أني تعلقتُ بذلك بنكتة وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (مَن سَألَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَتْ مَسْألَتهُ خدُوشاً في وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قِيلَ: وَمَا يُغْنِيهِ؟ قَالَ: اوقِيَّةٌ) (٦)، فيُشبه أن يقال: كل من تحل له المسألة فلا يخرجها، ومن حرمت عليه يخرجها، والله أعلم.


= زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير ٢/ ٦٧٧، والبغوي في شرح السنة ٦/ ٧٠. ووردت في هذا الحديث زيادة لفظة (مِنَ الْمسْلِمِينَ) من رواية مالك. قال ابن دقيق العيد: حتى قيل إن مالكاً تفرد بها، وليس بصحيح، فقد تابع مالكاً على هذه اللفظة من الثقات سبعة إلا أن فيهم من مس وهم: عمر ابن نافع، والضحاك بن عثمان، والمعلي بن إسماعيل، وعبد الله بن عمر، وكثير بن فرقد، وعبد الله بن عمر العمري، ويونس بن يزيد. نصب الراية ٢/ ٤١٥، وقال الحافظ بعد سرد من روى هذه الزيادة غير مالك وفي الجملة ليس فيمن روى هذه الزيادة أحد مثل مالك.
فتح الباري ٣/ ٣٧٠.
(١) قال بهذا القول بعض المتأخرين من أصحاب مالك ورأوا أنها سنَّة، وبه قال أهل العراق، بداية المجتهد ١/ ٢٠٣، وقال الزرقاني قال شهب وابن اللبان من الشافعية وبعض أهل الظاهر أنها سنة مؤكدة وأولوا فرض بمعنى قدر. شرح الزرقاني ٢/ ١٤٧.
(٢) هذه الجملة ليست في بقية النسخ ولا معنى لها.
(٣) قال الحافظ: أضيفت الصدقة للفطر لكونها تجب بالفطر من رمضان، وقال ابن قتيبة: المراد بصدقة الفطر صدقة النفوس مأخوذة من الفطرة التي هي أصل الخلقة والأول أظهر ويؤيده قوله في بعض طرق الحديث (زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ)، فتح الباري ٣/ ٣٦٧.
(٤) تقدم.
(٥) انظر شرح فتح القدير لابن الهمام ٢/ ٢٨٣ وشرح السنة ٦/ ٧٢.
(٦) أبو داود ٢/ ٢٧٧ والترمذي وقال حسن، وقد تكلم شعبة في حكيم بن جبير من أجل هذا الحديث.=

<<  <   >  >>