للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التقسيم ويستتب الكلام ويرتبط مع آخره بقوله: {يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} يعني أن ينتقلوا عن الأداء إذا تعذر إلى القضاء، ثم قال ولتكملوا العدة ولو صام مرتين لزاد عليها. وأما قوله (أولئك العصاة وليس من البر) فيعارضه حديث أنس رضي الله عنه: (سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِر وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصائِمُ) (١) ..

وروى حمزة بِن عمرو الأسلمي (٢) أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال له في الصوم في السفر (إنْ شِئْتَ فَصُمْ وإنْ شِئْت فَافْطِرْ) (٣). فإن قيل فإذ تعارضت الأحاديث ما الحكم فيها؟ قلنا: لو علم التاريخ لحكمنا بالآخر منها على الأول، فإذا جهلت التواريخ فاختلف الناس على ثلاثة أقوال فمنهم من قال يؤخذ بالأشد منها لأنه الأحوط والدين يحتاط له ..

ومنهم من قال يؤخذ بالأخف لأن الله تعالى قد رفع الحرج وبعث النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بالحنيفية السمحة.

ومنهم من قال يسقط ويطلب دليل آخر فإن أمكن الترجيح فيجب العمل به (٤). وههنا تترجح أحاديث الجواز على أحاديث المنع؛ لأن هذا الذي قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، إنما كان في سفرة واحدة، وهذا الذي قال لأنس ابن مالك الأنصاري، رضي الله عنه، ولحمزة بن عمرو الأسلمي ولأنس ابن مالك الكعيي (٥). وقد قال له إذن فكل. قال له أنس إني صائم


= ونسخه {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
قالَ (فأمِروا بِالصِّيَام) السنن الكبرى ٤/ ٢٠٠.
درجة الحديث: قال النووي: علقه البخاري بصيغة الجزم فيكرن صحيحاً كما تقررت قاعدته، المجموع ٦/ ٢٥٠ وقد تقدم وصل البيهقي له، وقد أشار الحافظ إلى وصل البيهقي بقوله وصله أبو نعيم في المستخرج والبيهقي من طريقه. فتح الباري ٤/ ١٨٨.
(١) متفق عليه. البخاري في الصوم باب لم يعبْ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، بعضهم بعضاً في الصوم والإفطار ٣/ ٤٤، ومسلم في الصيام باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية ٢/ ٧٨٨، والموطأ ١/ ٢٩٥ والبغوي في شرح السنة ٦/ ٣٠٥.
(٢) حمزة بن عمرو الأسلمي. يكنى أبا صالح، وقيل يكنى أبا محمَّد، يعد في أهل الحجاز. مات سنة ٦١ هـ
وهو ابن ٧١ سنة، ويقال ابن ٨٠ سنة، وروى عنه أهل المدينة وكان يسرد الصوم. الاستيعاب ٢/ ٣٧٥، أسد الغابة ٢/ ٥٥.
(٣) متفق عليه، البخاري في الصوم باب الصوم في السفر والإفطار ٣/ ٤٣، ومسلم في الصيام باب التخيير في الصوم والفطر في السفر ٢/ ٧٨٩، والموطأ ١/ ٢٩٥، والبغوي في شرح السنة ٦/ ٣٠٥.
(٤) انظر كتاب المحصول في علم الأصول للشارح ل ٦٥ أب.
(٥) أنس بن مالك القشيري ثم الكعبي، أبو أمية، وقيل أميمة، أو أبو مية، صحابي نزل البصرة/ عم. =

<<  <   >  >>