للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَسُولَ الله (إِنَّي أَصِيدُ بِالْمعْرَاضِ، فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: مَا خَرَقَ فَكُلْ وَمَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْ) (١)، زاد النسائي فيه (فَإِنَّهُ وَقِيذٌ) (٢). وروى مسلم عن أبي ثعلبة "إذا أَرْسَلْتَ سَهْمَكَ فَقَتَلَهُ فَكُلْ وَإِنْ غَابَ عَنْكَ فَأَدْرَكْتَهُ فَكُلْهُ مَا لَمْ يِبِتّ" (٣) وروي "بَعْدَ ثَلَاثٍ" (٤) وروي "إِلاَّ أَنْ يَنْتنَ" (٥) زاد النسائي "أَوْ يَأْكُلَ مِنْهُ سَبْعٌ" (٦). أما قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ الله بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ} (٧)، فإنه قد توهَّم بعض الناس أن المراد به تحريم الصيد في حال الإحرام وهذا عضلة (٨) إنما المراد به الابتلاء به في حالتيْ الحِلّ والحرمة ليعلم الله مشاهدة منا ما علمه غيباً من امتثال من امتثل واعتداء من اعتدى، فإنه عالم الغيب والشهادة يعلم الغيب أولاً ثم يخلق المعلوم فيعلمه مشاهدة يتعيَّن المعلوم ولا يتغير العلم (٩). وقوله تعالى {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ} قال مالك، رضي الله عنه: يعني في المقدور عليه {وَرِمَاحُكُمْ} يعني في المتعذّر المطلوب؛ وخص الرمح لأنه الغالب في التصرف وكل محدد يلحق به لأنه مثله. والمعراض قد بيَّنه


(١) متفق عليه، البخاري في الذبائح والصيد باب صيد المعراض ٧/ ١١١، وفي كتاب التوحيد باب السؤال بأسماء الله تعالى والاستعاذة بها ٦/ ٩٦، ومسلم في كتاب الصيد والذبائح باب صيد الكلاب المعلمة ٣/ ١٥٢٩، وأبو داود ٣/ ٢٦٨، والترمذي ٤/ ٦٥، والنسائي ٧/ ١٨٣ , وابن ماجه ٢/ ١٠٧٢.
(٢) النسائي ٧/ ١٨٠ و ١٨٣، وهي في البخاري في الذبائح والصيد باب صيد المعراض ٧/ ١١١، وابن ماجه ٢/ ١٠٧٢، وروى الترمذي منه قول وقيذ وقال صحيح. سنن الترمذي ٤/ ٦٩.
(٣) لم أطَّلع على هذا اللفظ في مسلم، وقد ذكره مالك رأياً له. الموطّأ ٢/ ٤٩٢ وعزاه له الزيلعي في نصب الراية ٤/ ٣١٦.
(٤) مسلم في كتاب الصيد والذبائح باب إذا غاب عنه الصيد ثم وجده ٣/ ١٥٣٣.
(٥) المصدر السابق، وأبو داود ٣/ ٢٧٨، والدارقطني في سننه ٤/ ٢٩٥.
(٦) النسائي ٧/ ١٩٣، وهذه الزيادة صحيحة.
(٧) سورة المائدة آية ٩٤.
(٨) قال ابن الأثير: أصل العضل المنع والشدة يقال أعضل بي الأمر إذا ضاقت عليك فيه الحيل. النهاية ٣/ ٢٥٤ لسان العرب ١١/ ٤٥٣.
(٩) قال المؤلف في الأحكام ٢/ ٦٥٦: اختلف في المخاطب بهذه الآية على قولين:
أحدهما: أنهم المحلّون قاله مالك.
الثاني: أنهم المحرمون، قاله ابن عباس: وتعلق من عموم بأن قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} مطلق في الجميع وتعلق من خص بأن قوله {لَيَبْلُوَنَّكُمُ} يقتضي أنهم المحرومون، فتكليف الامتناع الذي يتحقق به الابتلاء هو مع الإحرام، وهذا لا يلزم لأن قوله {لَيَبْلُوَنَّكُمُ} الذي يقتضي التكليف كله ابتلاء وإن تفاضل في الكثرة والقلة وتباين في الضعف والشدة. وانظر تفسير القرطبي ٦/ ٣٠٠.

<<  <   >  >>