للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا دَيْنُ نَذْرٍ وَلَمْ تَقْضِهِ، قَالَ: إِقْضِهِ عَنْهَا) (١)، فأمره بقضائه من جهة البر بها لا من جهة الوجوب عليه فيها. وحديث عمر بن الخطاب أيضاً المتفق عليه: قَالَ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّي نَذَرْتُ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ لَهُ: أُوْفِ بِنَذْرِكَ) (٢)، ونذر الكافر لا يلزم، ولكن رأى عمر، رضي الله عنه، أن يلتزم في الإِسلام مثل ما كان التزم في الجاهلية كفارةً له، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - "أَوْفِ بِنَذْرِكَ" يعني الثاني ليس الأول.

وحديث عمرو بن شعيب أيضاً بديع في الباب وهي طريقة في الحديث صحيحة لا ينبغي لأحد منكم أن يستحقرها مهما صح الطريق إليها، وقد صححها الدارقطني ويكفيك في صحتها تخريج مالك، رضي الله عنه، في الموطّأ لها، وهو ما روى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدَّهِ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ، - صلى الله عليه وسلم -، فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَتْ: (إنَّي نَذَرْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى رَأْسِكِ بِالدَّفِّ فَقَالَ لَهَا: أَوْفِ بِنَذْرِكِ) (٣). أوجب أمرها بذلك وأما اجتماع


(١) البخاري في الأيمان والنذور باب من مات وعليه نذر ٨/ ١٧٧، ومسلم في النذر باب الأمر بقضاء النذر ٣/ ١٢٦٠ - وأبو داود ٣/ ٦٠٣ - ٦٠٤، وشرح السنة ١٠/ ٣٨ كلهم من حديث ابْنِ عَبّاسٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ الأَنْصَارِيَّ اسْتَفْتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ فَتُوُفَّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ فَأَفْتَاهُ أَنْ يَقْضِيَهُ عَنْهَا فَكَانَتْ سُنَّةٍ بَعْدُ.
(٢) متفق عليه. البخاريَ في الاعتكاف باب إذا نذر في الجاهلية أن يعتكف ثم أسلم ٣/ ٤٥، ومسلم في الأيمان باب نذر الكافر وما يفعل فيه إذا أسلم ٣/ ٢٧٧، كلاهما من حديث ابن عمر.
(٣) أبو داود ٣/ ٦٠٦، والبيهقي في السنن الكبرى ١٠/ ٧٧ كلاهما من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. أما ما ذكر الشارح من تخريج مالك له فلم أطَّلع عليه في الموطأ. ولم أطلع على تصحيح الدارقطني له في السنن.
درجة الحديث: عندي أنه حسن وله شاهد من حديث بريدة قال: خَرَجَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ جَاءَتْ جَارَيةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله إنّي كُنْتُ نَذَرْتُ إِنْ رَدَّكَ الله سَالِماً أَنْ أَضْرِبَ بين يِدَيكَ بِالدّفِّ وَأَتَغَنيَّ؛ فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِنْ كُنْت نَذَرْتُ فاضْربِي وإِلَّا فَلَا، فَجَعَلتْ تَضْربُ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وِهِيَ تَضُرُبُ ثُمَّ دَخَلَ عَلِيُّ وَهِيَ تَضْرُبُ ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرُبُ ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَأَلقَتِ الدّفّ تَحْتَ إِسْتِهَا ثُمَّ قَعَدَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، إنَّ الشَّيْطَانَ لَيَخَافُ مِنْكَ يَا عُمَرُ إنِّي كنْتُ جَالِساً وَهِيَ تَضْرُبُ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرُبُ ثُمَّ دَخَلَ عَليٌّ وَهِيِ تَضْرُبُ ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَان وَهِيَ تَضْرُبُ فَلَمَّا دَخَلْتَ أَنْتَ يَا عُمَر أَلقَتِ الدَّفّ. سنن الترمذي ٢/ ٢٩٣ - ٢٩٤ وقال حسن صحيح غريب، وابن حبان، انظر موارد الظمآن ص ٢٨٩، ٥٣٦، والبيهقي في السنن الكبرى ١٠/ ٧٧، وأحمد في المسند ٥/ ٣٥٣ - =

<<  <   >  >>