للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إجماعاً من الأمة، وههنا غريبة وهي أن علماءنا، رضي الله عنهم، كرهوا نكاح الحرائر الكتابيات، ونص عليه مالك، رضي الله عنه، في غير ما موضع من كتب أصحابه لأن ولده معرض لشرب الخمر وأكل الخنزير وعرقها من الأغذية المحرمة يتصل به (١) عند مضاجعتها وهذا يلزمه في اتخاذها أَمة فرط أذى لا يتأتي عنه انفصال، ولم تزل الصحابة والتابعون يتسرون (٢) الكوافر وينكحون وقد أذن الله تعالى بالتحليل في كتابه (٣) وخاطب بذلك جميع خلقه، لا سيما وفي استفراشها عزة للإسلام، وقد بيَّنا وجه قول مالك، رضي الله عنه، والمعنى الذي غاص عليه في كتب المسائل فلا معنى أن نطول به عليكم ها هنا.

[باب الإحصان]

قال سعيد بن المسيب (٤) (المحصنات أولات الأزواج، ويرجع ذلك إلى أن الله تعالى حرَّم الزنا) (٥). هذه الآية مشكلة (٦) واختار فيها مالك، رضي الله عنه، تأويل سعيد ابن المسيب وللعلماء فيها ثلاث تأويلات.

أحدها: قول سعيد هذا.

والثانى: أنهن المسبيات ذوات الأزواج يهدم السبي نكاحهن فيحل الوطء لمالكهن


= فبقي سائر المشركات على أصل التحريم. وعن الشافعي قول آخر: إن عموم آية البقرة أريد به خصوص آية المائدة. فتح الباري ٩/ ٤١٧.
وانظر أحكام القرآن للشارح ١/ ١٥٧، والمنتقى ٣/ ٣٢٨.
(١) كذا في جميع النسخ وليس واضحاً لدي.
(٢) قال الباجي: تزوج جماعة من الصحابة أهل الكتاب، منهم عثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله، رضي الله عنهما ولا نعلم أحداً منعه غير عبد الله بن عمر، رضي الله عنه، وتعلق بعموم الآية على ما تقدم ذكره. المنتقى ٣/ ٣٢٨.
(٣) قال تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} سورة المائدة الآية ٥.
(٤) تقدمت ترجمته.
(٥) الموطأ ٢/ ٥٤١ ورواه ابن جرير في تفسيره ٥/ ٣، والبيهقي في السنن الكبرى ٧/ ١٦٧.
درجة الأثر: صحيح، وقال في الأحكام: المحصنات ذوات الأزواج، قاله ابن عباس وابن مسعود وابن المسيب وغيرهم، وقاله مالك وإختاره. الأحكام ١/ ٣٨١، وانظر المحرر الوجيز ٤/ ٧٦، والنكت والعيون ١/ ٣٧٧.
(٦) الآية التي أشار إليها هي قوله تعالى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ...} النساء آية ٢٤، وانظر الدر المنثور ٢/ ١٣٨.

<<  <   >  >>