للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واختلف العلماء إذا جاء زوجها الأول بعد نكاحها الثاني؟ فقال الشافعي (١) وأبو حنيفة (٢): هي لزوجها الأول أبداً، وقال مالك: إن جاء الأول، والثاني لم يدخل بها، فهي له (٣)، وإن جاء بعد الدخول فليست له؛ لأن الحكم بالفراق عليه قد نفذ فصاركما لو تزوجت بعد أن طلَّقها، وروي عنه مثل قول من تقدم من أنها له في كل حال (٤)؛ ووجه ذلك أن الطلاق إذا أوقعه الزوج نفذ ظاهراً وباطناً، وإذا تولَّاه الحاكم عنه نفذ في الظاهر دون الباطن، فإذا جاء اليقين نقض ما في الظاهر ويدخل تحت قول عمر (وإذَا قَضَيْتَ بِقَضِيَّةٍ ثُمَّ تَبَينَ لَكَ الْحَقُّ في خِلَافِهَا فَارْجَعْ إلَيْهَا فَإِنَّ الرُّجُوعَ إلَى الْحَق خَيْرٌ مِنَ التَمَادي في الْبَاطِلَ) (٥).


(١) انظر المهذب ٢/ ١٤٧.
(٢) انظر شرح فتح القدير لابن الهمام ٤/ ٤٤٣، والإفصاح لابن هبيرة ٢/ ١٧٦.
(٣) الموطأ ٢/ ٥٧٦.
(٤) قال الباجي: اختلف قول مالك في زوجة المفقود تعتد ثم تتزوج فيقدم المفقود قبل أن يبني بها الثاني فقال في الموطأ: لا سبيل للأول إليها، واختارَّه المغيرة وروي عنه أنه قال: الأول أحق بها ما لم يدخل الثاني، رواه ابن القاسم عنه واختاره. وقال محمَّد: الأول أحق بها ما لم يخلُ الثاني خلوة توجب العدة فلا شيء للأوّل. المنتقى ٤/ ٩٣.
(٥) هذا جزء من كتاب عمر، رضي الله عنه، إلى أبي موسى الأشعري، أخرجه الدارقطني من طريق عُبَيْدِ الله ابْنِ أبِي حَمِيدٍ عَنْ أبيِ الْمُليَحِ الْهذْلِي قَالَ: كتَبَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ إلي أَبِى مُوسَى الأشْعَريِّ: أَمَّا بَعْدُ، فَإنَّ الْقَضَاءَ فَريضَةٌ مُحَكَّمَةٌ وَسُنْة مُتْبَعَةٌ فافْهَمْ إذَا أُدْلِي أْلَيْك بِحُجَّةٍ وَانفِذِ الْحَقِّ إذا وَضَحَ فَإنّهُ لَا يَنْفَعُ تَكَلُّم بَحَقّ لَا نَفَاذَ لَهُ .. سنن الدارقطني ٤/ ٢٠٦.
وهذا الطريق فيه عبيد الله بن أبي حميد الهذلي، أبو الخطاب البصري، واسم أبي حميد غالب متروك الحديث/ ق.
ت ١/ ٥٣٢ وانظر ت ت ٧/ ٩، والضعفاء ٣/ ١١٨، الكامل لابن عدي ٤/ ١٦٣٣، وأخرجه الدارقطني أيضاً من طريق سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنةَ فَإدْريس الأَوْدِيِّ عَنْ سَعِيدِ ابْنِ أَبِي بُرْدَةَ وَأَخْرَجَ الْكِتَابَ فَقَالَ: هَذَا كِتَابُ عُمَرَ ثُمِّ قُرِئ عَلَى سُفْيَانَ مِنْ ههُنَا إلى أَبِي مُوسَى الأشْعَريّ أَمَّا بَعْدُ .. سنن الدارقطني ٤/ ٢٠٧، ومن نفس الطريق أخرجه البيهقي في السنن ١٠/ ١٣٥.
وذكر الحافظ أن ابن حزم ساقه من طريقين وأعلَّهما بالانقطاع، لكن اختلاف المخرج فيهما مما يقوي أصل الرسالة، لا سيما وفي بعض طرقه أن راويه أخرج الرسالة مكتوبة. تلخيص الحبير ٤/ ١٩٦، وأورده ابن القيم في إعلام الموقعين بروايته الثانية وقال: هذا كتاب جليل تلقاه العلماء بالقبول وبنوا عليه أصول الحكم والشهادة، والحاكم والمفتي أحوج شيء إليه إلى تأمله والتفقه فيه. إعلام الموقعين ١/ ٨٦.

<<  <   >  >>