للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطهر، لكن نوضح أن المراد به في قوله تعالى: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (١) زمان الطهر لثلاثة أوجه:

أحدها: أن حقيقة القرء الاجتماع، والدم إنما يجتمع في مدة الطهر والحيض إنما هو سيلان ما اجتمع.

والثاني: أن الله يقول في كتابه: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (٢)، وبيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أن الطلاق في الطهر لا في الحيض (٣).

الثالث: أن الأحكام ترتبط بأسبابها وتتبعها، وسبب العدة الطلاق فيجب أن تكون مقترنة به وليس لأهل العراق، ولا لغيرهم من المخالفين، بعد هذا في الاعتراض عليه شيء يقنع (٤)، ولذلك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، عبد الله بن عمر حين طلق زوجته وهي حائض بالرجعة (٥) لئلا تطول عليها العدة فإن زمن الحيض الذي وقع الطلاق فيه لا يحتسب لها فيه فيمضي عليه الطلاق الذي ألزمه نفسه، ويجبر على الرجعة لرفع الضرر عن المرأة فتجتمع الفائدتان والمعتدات على ثمانية أقسام:

الأول: معتادة فهذه عدتها ثلاثة قروء كما قال الله (٦)، أو وضع الحمل كما أخبر عنه (٧).

الثاني: من تأخَّر حيضها لمرض فتبقى تسعة أشهر.

الثالث: من تأخر حيضها بالرضاع فأما من تأخر حيضها لمرض فتقيم تسعة أشهر ثم


= في المراد بالآية. فقال جمهور أهل المدينة: الأطهار، وقال العراقيون: الحيض، وحديث ابن عمر يدل للأول لقوله: ثُمَّ تَحِيضُ ثُمَّ تَطْهُرُ ثُمَّ إنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمُسَ فَتِلْكَ الْعِدَّة الَّتي أَمَرَ الله. شرح الزرقاني ٣/ ٢٠٣.
(١) سورة البقرة آية ٢٢٨.
(٢) سورة الطلاق آية ١.
(٣) سيأتي ذلك من حديث ابن عمر.
(٤) ذهب الحنفية إلى أن الأقراء الحيض. قال الجصاص الحنفي: قال أصحابنا جميعاً: الأقراء الحيض، وهو قول الثوري والأوزاعي والحسن بن صالح. أحكام القرآن للجصاص ١/ ٣٦٤، وانظر شرح فتح القدير ٣/ ٢٧٠.
(٥) تقدم
(٦) قال تعالى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} البقرة آية ٢٢٨.
(٧) قال تعالى {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} سورة الطلاق آية ٤.

<<  <   >  >>