للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القول في الإحداد]

أما القرآن فأفاد وجود التربص بقوله {يَتَرَبصْنَ}، وأفادت السنَّة الإِحداد وهي هيئة في التربص، وأذن لهن في غير الأزواج بثلاثة أيام (١) لما يغلب النسوان من الجزع ويستولي عليهن من الكرب وما وراء ذلك حرام في غير الزوج واجب في الزوج، وليس ذلك بزيادة على النص وإنما هو تفسير لكيفية التربص كما قدمنا، وقد كان هذا شرعاً لمن كان قبلنا وعادة في الجاهلية، وكانت المرأة تقيم في الجاهلية على هذه الحال من الإحداد سنة (٢)، وقد كان الله تعالى أمر بمتاع التربص حولًا .. في الآية (٣) الأخيرة ثم ثبت الحكم بنص الآية الأولى من الأربعة الأشهر والعشر، وهدم الله كما كان في الجاهلية ونسخ متاع الحول بهذه الآية التي قبلها (٤)، والله أعلم.


(١) روي مالك من طريق زينَب بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ .. قَالَتْ زَينَبُ: دَخَلْتُ عَلَى أمِّ حَبِيبَةَ، زَوْجِ النبِيِّ، - صلى الله عليه وسلم -، حِينَ تُوفيَ أَبوهَا، أبو سفيانَ بْن حَرْبٍ فَدَعتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيب فِيهِ صفْرَةٌ خَلوق أَوْ غَيْره فَذَهَبَتْ بِهِ جَارِيَة ثم مَسَحَتْ بِعَارِضَيْهَا ثم قَالَتْ: والله مَا ليَ بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَه غَيْرَ أَني سَمعْتُ رَسُولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -، يَقُولُ: "لاَ يَحِل لامْرَأَة تُؤْمِن بِالله وَالْيَوْمِ الآخر أَنْ تحِدَّ عَلَى مَيْت فَوْقَ ثَلَاثِ ليال إلَّا عَلَى زَوْج أَرْبَعَةَ أشهر وَعَشْراً" الموطأ ٢/ ٥٩٦ - ٥٩٧، وأخرجه البخاري في الطلاق باب تحد المتوفي عنها زوجها أربعة أشهر وعشراً ٧/ ٧٦، ومسلم في الطلاق باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة ٢/ ١١٢٣ - ١١٢٦ بعدة روايات.
(٢) ورد ذلك من حديث زينَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَتْ: سَمِعْت أُمَّ سَلَمَةَ، زَوْجَ النبِي، - صلى الله عليه وسلم -، تَقُولُ: جَاءَتْ امْرَأَة إلَى رَسُولِ الله، - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ: يَا رَسولَ الله إن ابنتَى توُفي عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَها أَفَنَكْتَحِلُهَا، فَقَالَ رَسُولُ الله، - صلى الله عليه وسلم -: لَا. مَرتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً كل ذَلِكَ يَقُول: لَا، ثُمَّ قَالَ: إنمَا هِيَ أَرْبَعَة أَشْهر وَعَشْراً وَقدْ كَانَتْ إحْدَاكن تَرْمِي الْبَعْرَةَ عَلَى رَأْسِ الحَوْلِ ..) الموطأ ٢/ ٥٩٧، والبخاري في الباب السابق ٧/ ٧٧، وكذلك مسلم في الباب السابق ٢/ ١١٢٤.
(٣) قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} سورة البقرة آية ٢٤٠.
(٤) وهي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}، سورة البقرة آية ٢٣٤، وانظر كلام الشارح على هؤلاء الآيات في الأحكام ٧/ ٢٠١.

<<  <   >  >>