للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حبيب وإلى قول يحيى الوقار. ويلزم لزومًا لا محيص عنه من قال إن الجزاف لا يجوز بيعه حتى ينقل، ألا يجوز بيع مبيع حتى ينقل والحكمة في ذلك (١) لأن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لحكيم بن حزام (لا تبع لا ليس عندك) يحتمل أن يريد به لا تبع ما ليس في ملكك ويحتمل أن يريد لا تبع ما ليس في يدك. فمن قال لا يحمل اللفظ على معنيين مختلفين من العلماء توقف ها هنا احتياطًا لئلا يريد النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدهما فيقع المكلف في المحظور.

وأما نحن فالذي نرى أن اللفظ يحمل على المعاني المختلفة بإطلاقه فإن ذلك يلزمنا أن نمنع من يبيع كل شيء قبل قبضه وهو الأقوى في النظر والله أعلم.

[مسألة]

صكوك (٢) الجار نازلة بديعة أطال العلماء فيها النفس وما حلوا عقدة حبس، والنكتة فيها أن الذي فسخ الصحابة والعلماء هو البيع الثانى ليس الأول. وقد كلمني في ذلك بعض المنتحلين إلى العلم فقلت إن البيع الثانى انعقد على معاوضة من الجهتين والبيع الأول شرع محض ليس في مقابلة عوض فقال لي بل البيع الأول عوض لأن الديوان أخذه كفأ عن خدمته ورأيته لا يفقه فتركته وليس كما زعم لأن الإمام إذا أخرج صكوك أهل الديوان إنما يخرجها عطاء محضًا يوفيهم بها حقوقهم في بيت المال وعليهم أن يقوموا بفرض الجهاد ولا يجوز أن يكون أحدهما عوضاً عن الآخر لأن الصك معلوم والعوض مجهول ولا يتعين من جهة صاحب الديوان عوض (٣). والحاسم لداء الجهالة اتفاق الأمة من لدن زمن الصحابة إلى زماننا هذا على تسميتهم ما يأخذ الأجناد عطاء ثم عقب مالك على هذا الباب


(١) في ج والله أعلم لأنه من باب بيع ما ليس عندك.
(٢) الصك ويجمع على صكوك قال النووي الصك هو الورقة المكتوبة بدين ويجمع أيضًا على صكوك والمراد هنا الورقة التي تخرج من ولي الأمر بالرزق لمستحقه بأن يكتب فيها للإنسان كذا وكذا من طعام أو غيره فيبيع صاحبها ذلك لإنسان قبل أن يقبضه. شرح النووي على مسلم ١٠/ ١٧١.
(٣) قال النووي رحمه الله اختلف العلماء في ذلك والأصح عند أصحابنا وغيرهم جواز بيعها والثاني منعها فمن منعها أخذ بظاهر قول أبي هريرة وبحجته. قال أبو هريرة لمروان أحللت بيع الصكاك وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الطعام حتى يستوفى. مسلم في كتاب البيوع (٤٠).
ومن أجازها تأول قضية أبي هريرة على أن المشتري ممن خرج له الصك باعه لثالث قبل أن يقبضه المشتري فكاد النهي عن البيع الثانى لا عن الأول لأن الدي خرجت له مالك لذلك ملكًا مستقرًا وليس هو مشتر فلا يمتنع بيعه قبل القبض كما لا يمتنع بيعه ما ورثه قبل قبضه. شرح النووي على مسلم ١٠/ ١٧١.

<<  <   >  >>