للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المقصود منها وهي أصول الأقوات فذكر الله البر تنبيها على ما يقتات في حال الرفاهية والاختيار، وذكر الشعير تنبيهًا على ما يقتات في حال التفسير والمخمصة، وذكر التمر تنبيهًا على ما يقتات في حال الضرورة تحليًا وتفكهًا، كالعسل والزبيب ونحوه، وذكر الملح تنبيهًا على ما يقتات لإصلاح الأطعمة إما لحفظ بقائها وإما لتطييبها وإما لكف الأذى الحاصل بقدرة الله تعالى وفعله عنها.

قال أبو المعالي الجويني: وقد كنا نميل إلى مذهب مالك بالتعليل بالقوت لقوته وظهوره بيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر الملح وليس من الأقوات انخرم التعليل.

قال القاضي أبو بكر: وعذيري منه يخرم القاعدة بزعمه بما يعضدها بزعمه وقد أشرنا إلى العلة في ذلك والحكمة وبينا وجه ذكر الملح وأوضحنا فائدته وليس وراء ذلك البيان مرمى إلّا التعسف في الرد وإيثار زعنفة ليس لهم رأس في الفتوى إلَّا أن الربا مقصورعلى هذه الأعيان الأربعة وهذا خرق للإجماع فإن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يعظمون أمر الربا ويتوقونه وذلك بين في الأحاديث والأقضية إذا استقرئت كما في حديث معمر (١) وسعد بن أبي (٢) وقاص وعبد الله بن عباس وابن عمر وخاصة عمر بن الخطاب فإنه كان يأسف أن مات النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يبين أبوابٍ الربا.

باب السلفة في الطعام (٣)

السلف في لسان (٤) العرب اسم يطلق على القرض وعلى السلم (٥). قال ابن عباس في الصحيح (قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين والثلاث


(١) أما حديث معمر بن عبد الله فقد أخرجه مسلم من طريق أبي النضر أن بسر بن سعيد حدثه عن معمر بن عبد الله أنه أرسل غلامه بصاع من قمح فقال بعه ثم اشتر به شعيرًا فذهب الغلام فأخذ صاعًا وزيادة بعض صاع فلما جاء معمرًا أخبره بذلك فقال له معمر لم فعلت ذلك انطلق فرده ولا تأخذ إلّا مثلًا بمثل فإني كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول (الطعام مثلًا بمثل) مسلم كتاب المساقاة رقم (١٥٩٢) وأحمد في المسند ٦/ ٤٠٠.
(٢) وأما حديث سعد فقد تقدم تخريجه.
(٣) الموطأ ٢/ ٦٤٤.
(٤) في ك كلام.
(٥) قال ابن الأثير يقال سلفت وأسلفت تسليفًا وإسلافًا والاسم السلف وهو في المعاملات على وجهين أحدهما القرض الذي لا منفعة فيه للمقترض غير الأجر والشكر وعلى المقترض رده كما أخذه والعرب تسمي القرض =

<<  <   >  >>