للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ارتفع (١).

تبيين. ثبت في الصحيح أن النبي، - صلى الله عليه وسلم - "كَانَ يُصلِّي الجُمُعَةَ فَيَنْصَرِفُ وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ (٢) ظلٌّ " وهذا يدل على تبكيره بها، وقد قال ابن عمر: ما كنّا نتغدى ونقيل إلا بعد الجمعة (٣)، إشارة إلى التبكير إليها لا إلى التبكير بها، وأدخل مالك، رحمه الله تعالى، حديث عمر، رضي الله عنه، موافقاً له فإن الطنفسة (٤) إنما كان يغشاها ظل الجدار في أول الوقت (٥)، وذلك يعرف بثلاثة شروط:

أحدها: صوب القبلة بالمدينة.

والثاني: علو الجدار فإن الظل يختلف فيه.

والثالث: عرض الطنفسة فإنها قد تكون بقدر الظل أو أزيد أو أنقص.

وقد أُخِذَ على مالك، رضي الله عنه، في تحديد وقت صلاة الجمعة بهذا القدر الذي لا يمكن الوصول إليه إلا بعد جهد. وهذا لا يتوجه عليه لأنه إنما ساق ذلك من فعل عمر، رضي الله عنه، حجة على من قدَّم الجمعة بالمدينة أو أخَّرها، إشارة إلى أن أول الوقت هو (حدّها)، وأول الوقت يُدرك، في كل موضع، بهيئته. وقد كان الأمراء يؤخِّرونها جداً حتى يخرجوها عن أولها (٦)، فذكر مالك، رحمه الله تعالى، أيضاً حديث


واسع العلم متعبداً. ولد سنة ٢٦ ومات سنة ٨٦هـ، ميزان الاعتدال ٢/ ١٥٣، تاريخ الطبري ٨/ ٥٦، تاريخ بغداد ١٠/ ٣٨٨، تاريخ الخميس ٨/ ٣٠٢، تهذيب الأسماء واللغات ١/ ٣٠٩، طبقات ابن سعد ٥/ ٢٢٣.
(١) لم أطلع على كلامه هذا.
(٢) متفق عليه: البخاري في المغازي باب غزوة الحديبية ٥/ ١٥٩، ومسلم في الجمعة باب صلاة الجمعة حين تزول الشمس ٢/ ٥٨٩، كلاهما عن سلمة ابن الأكْوَع.
(٣) رواه ابن أبي شيبة من طريق ثابت بن الحَجّاج عن ابن عمر المصنف ٢/ ١٠٧. درجة الحديث: صحيح إلى ابن عمر.
(٤) الطنفسة بكسر الطاء والفاء وضمها وكسر الطاء وفح الفاء البساط الذي له خمل رقيق وجمعه طنافس. النهاية ٣/ ١٤٠.
(٥) روى مالك في الموطأ عن عمه أبي سهل بن مالك عن أبيه أنه قال: كنت أرى طنفسة لعقيل بن أبي طالب يوم الجمعة تُطرح إلى جدار المسجد فإذا غشى الطنفسة كلها ظل الجدار خرج عمر بن الخطاب وصلى الجمعة، الموطأ ١/ ٩.
درجة الحديث: صححه الحافظ في الفتح ٢/ ٣٨٧،
(٦) في م أول وقتها.

<<  <   >  >>