للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[باب من أدرك ركعة من الصلاة]

ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ" (١)، وليس معناه أنها تجزيه عن باقيها، وإنما معناه أنه أدرك الفضل ولزمه حكم الإِمام الذي نواه ولزمه في الاقتداء به، ونشأت ههنا عضلة (٢)، من العضل، ليس عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فيها نص وهو أنه إذا كان مدركاً بركعة للصلاة هل يكون ذلك أولَ صلاته أم آخرها؟ فاضطرب الناس فيه وضرب بينه وبين الأكثر منهم باب لم ينفذوا فيه ولا يحتمل هذا (القبس) إزالة ظلمة الإشكال فيه؛ فالذي يجب أن يعوَّل عليه أن الذي أدرك أول صلاته (فيبني عليها في) الجلوس والقراءة (وهذا الفصل تعرفونه، إن شاء الله تعالى، فلا وجه إلى الإطناب فيه) ولا الإِطالة إلّا أنه دخل عليه فرعان اختلف فيهما علماؤنا وهي اختلاط القضاء بالأداء في مسألة الراعف (٣) وفي صلاة الخوف (٤)، ونشأ منه تخريج فرع في صلاة المسافر مع المقيم، والذي يهديكم فيه أن تجعلوا أول صلاته ما أدرك ثم تركبوا الجلوس عليه وتركبوا عليه القراءة، فإن أدرك ركعة وقام إلى الثانية، في صلاة الجهر، جهر بالثانية، وإن كان في صلاة السرّ قرأ بالسورة ثم جلس. ثم اختلف الناس هل يقضي الجهر في الثالثة والسورة أم لا، والصحيح أنه يأتي بها عندنا لأنه لو أدرك ركعتين من رباعية الجهر وقام إلى القضاء


(١) متفق عليه: البخاري في المواقت باب من أدرك من الصلاة ركعة ١/ ١٠٠ ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ١/ ٤٢٣، والموطّأ ١/ ١٠ كلهم عن أبي هريرة.
(٢) أعضل الأمر أي اشتد واستغلق، وأمر معضل لا يُهتدى لوجهه، والمعضلات الشدائد. صحاح الجوهري ٥/ ١٧٦٦.
(٣) قال أبو الوليد: اختلف أصحابنا في حكم الراعف، فروى ابن القاسم وابن وهب عن مالك لا يبني حتى يتقدم له ركعة بسجدتيها، فإن رعف قبل ذلك لم يبنِ. وقال ابن الماجشون: إن رعف في الركعة الأولى قطع واستأنف الإقامة. وروى ابن وهب عن مالك فيمن رعف بعد ركعة وسجدة. إن بني أجزأه. وفرق ابن حبيب بين الجمعة وغيرها فقال: إن كان في الجمعة لم يبنِ إلا أن يرعف بعد كمال الركعة، وأما في غير الجمعة فإنه يبني. قال سحنون. إن أحرم تم رعف بني على إحرامه. المنتقى ١/ ٨٤.
(٤) قال القاضي عبد الوهاب إذا صلى بالأولى (أي الطائفة الأولى) ركعتين ففي وقت قضائهم وانتظار الأخرى روايتان إحداهما إذا فرغ من تشهده أشار إليهم فقاموا ثم تأتي الأخرى فيقوم فيصلي بهم ركعة. والأخرى أن يقوم إلى الثانية فيتم الأولى ويثبت. قائِما حتى تأتي الأخرى. الإشراف على مسائل الخلاف ١/ ١٣٩.

<<  <   >  >>