للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باطلا لقول الشاعر: وفارقتك برهن لا فكاك له. فهو الذي قد قال فيه قد غلق ويكون حينئذ الهلاك من جهة الراهن وكما لا يغلق الرهن على الراهن فأولى وأحرى ألا يغلق الرهن على المرتهن وأما الشافعي فقال إن الرهن حق يتعلق باليد والعتق حق يتعلق بالملك فمحل العتق غير محل الرهن قلنا له ولكنه يبطله وكل ما أدى إلى بطلانه فإنه يبطل في نفسه وهذا فصل عسر لا يستقيم على أصولنا لأن مالكاً قد قال في عدة مسائل إنه ينفذ العتق من الموسر ومن المعسر وإن أدي إلى إبطال حق الغير فإذا طولب بالفرق لم يقدر عليه ويؤول الكلام إلى تشعيب في الفروع وتشعيب في الأصول أو لعله إلى أن يحكم على الراهن بأداء المال يذهب ماله وليس العتق بضربة لازب (١) حتى يستحيل رده شرعاً فكم من عتق نقض وكم من أم ولد ردت في المبيع والصحيح عندي أن عتق الراهن لا ينفذ إلا أن يؤدي المال وإذا حصل في يد المرتهن حينئذ يحكم عليه بنفوذ العتق ويكون في أثناء ذلك موقوفاً والعجب من علمائنا الذين يريدون أن يضعفوا الرهن ويبطلوه بالعتق وهو عندنا حق ثابت يسري إلى الولد كما يسري العتق والشافعي يقول لا يسري إلى الولد ولذلك رده والدليل على صحة سرايته إنه حق ثبت في رقبة الأم فيسري إلى الولد كالاستيلاد ومسائل الرهن في التفريع كثيرة وموضعها قد بينت فيه.

القول في كراء الدابة والتعدي فيها (٢):

بوب على كراء الدواب والرواحل ولم يرد لها في الحديث أصل سوى أني وجدت إشارتين إحداهما أقوى من الأخرى.

أما الأولى فهي الحديث الصحيح عن عائشة "واستأجرا رجلاً من بني الديل يقال له ابن الأريقط ودفعا إليه راحلتهما وراعداه في غار ثور صبح ثلاث" (٣) فقد أخذت الدابة ههنا حظاً من الكراء.

وأما الثاني وهو أقوى فحديث جابر "باع النبي - صلى الله عليه وسلم - جملاً واشترط ظهره إلى المدينة" (٤) وهذا ظاهر في أن الاستثناء قد وقع له جزء من الثمن فأما قوله التعدي فيها فإن


(١) اللزوب اللصوق والثبوت والقحط وصار ضربة لازب أي لازماً ثابتاً واللزب بالكسر الطريق الضيق. ترتيب القاموس ٤/ ١٣٨.
(٢) الموطأ ٢/ ٧٣٣.
(٣) رواه البخاري في الصحيح في فضائل أصحاب النبي باب هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة ٥/ ٧٣، شرح السنة ١٣/ ٣٥٤.
(٤) حديث جابر متفق عليه أخرجه البخاري في البيوع باب شراء الدواب والحمير ٣/ ٨١ ومسلم ٣/ ١٢٢١ (٧١٥) =

<<  <   >  >>