للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث (١) قلنا إنما معنى الحديث من بدل دينه الحق لم يرد سواه والدليل عليه أنه لو رجع الإنسان من النصرانية إلى الإِسلام لم يقتل وإن كان بدل دينه لأنه بدل دينه الباطل ونحن لم نعاهدهم على صحة دينهم إنما عاهدناهم ألا نعرض لهم ألا ترى أنه لو عاد اليهودي نصطورياً (٢) لم يعرض له وقد زل بعض علمائنا فيها فوافق الشافعي فيها وليس بشيء فلا يلتفت إليه وهل تجب الاستتابة أم لا؟ اختلف العلماء فيها اختلافاً كثيراً فمنهم من تعلق بمطلق الحديث ومنهم من تعلق بقول عمر (٣) وإنه ليظهر فيها الاستحباب فأما الإيجاب فيعجز دليله لأن معاذاً وأبا موسى خالفا عمر وسائر الصحابة فمنهم من سكت ومنهم خالف فتنقطع الحجة ولا يبقى إلا ما يظهر من المعنى وهو أنه يستتاب لعله قد ارتد بشبهة فيبين فإن عاد وإلا قتل وهذا الاحتمال إنما يسقط بالاستحباب وليس بقوي (٤).

[القضاء]

فيمن وجد مع امرأته رجلاً هي نازلة عظيمة سأل عنها سعد بن عبادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجابه الجواب المعروف (٥) قال علماؤنا إذا نازعه في الخروج عن داره فقطع


(١) انظر مذهبه في فتح الباري ١٢/ ٢٧٢ عمدة القاري ١٤/ ٢٦٤.
(٢) ناصرة بطبرية ونصرانة بالشام ويقال لها ناصرة وناصورية أيضا ينسب إليها النصارى. ترتيب القاموس ٤/ ٣٨١.
(٣) مالك عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد القاري عن أبيه أنه قال قدم على عمر بن الخطاب رجل من قبل أبي موسى الأشعري فسأله عن الناس فأخبره ثم قال عمر: "هل فيكم من مغربة خبر، فقال: نعم رجل كفر بعد إسلامه، قال: فما فعلتم به، قال: قريناه فضربنا عنقه، فقال عمر: أفلا حبستموه ثلاثاً وأطعمتموه كل يوم رغيفاً واستتبتموه لعله يتوب ويراجع أمر الله ثم قال عمر: اللهم إني لم أحضر ولم آمر ولم أرض إذ بلغني" الموطأ ٢/ ٧٣٧. والحديث في سنده محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد بغير إضافة القاري بغير همز المدني مقبول من السادسة بخ ت ص ٤٨٨ ت ت ٩/ ٢٦٣.
(٤) أما مذهب العلماء في الاستتابة فقد قال ابن قدامة لا يقتل حتى يستتاب ثلاثاً هذا قول أكثر أهل العلم منهم عمر وعلي وعطاء والنخعي ومالك والثوري والأوزاعي وأصحاب الرأي وهو أحد قولي الشافعي ورواية عن أحمد ورواية أخرى أنه لا تجب استتابته لكن تستحب وهذا القول الثاني للشافعي وهو قول عبيد بن عمير وطاوس وروي ذلك عن الحسن لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من بدل دينة فاقتلوه) ولم يذكر استتابة.
ثم قال إذا ثبت وجوب الاستتابة فمدتها ثلاثة أيام روي ذلك عن عمر رضي الله عنه وبه قال مالك وإسحاق وأصحاب الرأي وهو أحد قولي الشافعي وقال في الآخر إن تاب في الحال وإلا قتل مكانه وهو أصح قوليه وهو قول ابن المنذر ... وقال الزهري يدعي ثلاث مرات فإن أبى ضربت عنقه وهذا يشبه قول الشافعي وقال النخعي يستتاب أبداً وهذا يفضي إلى ألا يقتل أبداً وهو قول مخالف للسنة والإجماع وعن علي أنه استتاب رجلاً شهراً. المغني ٩/ ٥، شرح السنة ١٠/ ٢٣٩، فتح الباري ١٢/ ٢٧٢. شرح الزرقاني ٤/ ١٦.
(٥) رواه مالك عن سهيل بن أبي صالح السمان عن أبيه عن أبي هريرة أن سعد بن عبادة قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: =

<<  <   >  >>