للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالتشكي منه فدمه هدر وقال كما قدمنا عن علمائنا بأن عليه الدية في البكر الذي لا يستوجب القتل وهذا القتل ليس مقصوداً وإنما هو مدافعة أو اقتصاص وكأنه يشبها الغيلة فإن الرجل إذا أخذ نفس الرجل غيلة أو ماله استوجب القتل وكذلك إذا أخذ أهله غيلة كان أولى وأحرى أن يستوجب القتل ولا تراعى الثيوبة ولا البكارة ولهذا قال ابن القاسم إن دمه هدر وذلك والله أعلم من اختلاف العلماء قديماً وحديثاً إنما هو إذا قامت بينة على دخوله إلى داره وقتله فيها وأنا على شك من اشتراط القتل فيها فأدخل مالك حديث علي وهو الأصل والأشد فإذا ارتفعت البينة فقول مالك والله أعلم ما رواه عنه أصحابه (١).

القضاء في المنبوذ (٢)

أدخل مالك حديث سُنين (٣) ثم عقبه بأن قال الأمر عندنا أنه حر وإن ولاءه للمسلمين وقد روي عن مالك في ذلك روايتان:

إحداهما قال أشهب إنما اتهمه عمر لأنه خشي أنه ولده جاء به ليفرض له من بيت المال وهذا الكلام عندي قاصر جداً لأن عمر كان في أصح قوليه وآخرها إذا ولد للرجل مولود فرض له من تلك الليلة فالرواية خطأ لا شك فيها وصوابه أن يقال اتهمه أن يكون جاء


(١) مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن رجلاً من أهل الشام يقال له ابن خيبري وجد مع امرأته رجلاً فقتله أو قتلهما معاً فأشكل على معاوية بن أبي سفيان القضاء فيه فكتب إلى أبي موسي يسأل له علي بن أبي طالب عن ذلك فسأل أبو موسي عن ذلك علي بن أبي طالب فقال له علي: إن هذا الشيء ما هو بأرضى عزمت عليك لتخبرنى، فقال له أبو موسى: كتب إلي معاوية بن أبي سفيان أن أسألك عن ذلك فقال على: أنا أبو حسن إن لم يأت بأربعة فليعط برمته. الموطأ ٢/ ٧٣٧ ورواه عبد الرزاق عن ابن جريج والثوري قالا أخبرنا يحيى بن سعيد قال سمعت سعيد بن المسيب يقول ... المصنف ٩/ ٤٣٣، ورواه البيهقي في السنن الكبرى ٨/ ٣٣٧.
(٢) الموطأ ٢/ ٧٣٨.
(٣) سنين أبو جميلة بفتح الجيم السلمي يقال اسم أبيه فرقد صحابي صغير له في البخاري حديث واحد. ت ص ٢٥٧ت ت ٤/ ٢٤٥.
ولفظ حديثه مالك عن ابن شهاب أن سُنين أبي جميلة رجل من بني سليم أنه وجد منبوذاً في زمان عمر بن الخطاب قال فجئت به إلى عمر بن الخطاب فقال: "ما حملك على أخذ هذه النسمة فقال وجدتها ضائعة فأخذتها فقال له عريفه: يا أمير المؤمنين إنه رجل صالح فقال له عمر: أكذلك؟ قال: نعم، فقال عمر بن الخطاب: إذهب فهو حر ولك ولاؤه وعلينا نفقته".
قال يحيى سمعت مالكا يقول: الأمر عندنا في المنبوذ أنه حر وأن ولاءه للمسلمين هم يرثونه ويعقلون عنه الموطأ ٢/ ٧٣٨ والأثر صحيح فقد صححه الباجي في المنتقي ٦/ ٥.

<<  <   >  >>