للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما لم يمنع عائشة من الرجل الذي قالت هو أخي من الرضاع وإنما قال انظرن من إخوانكن فإن قيل فقد قالت عائشة رضوان الله عليها وقال لسودة احتجبي لما رأى من شبهه بعتبة فعللت بشبهه لعتبة الذي يوجب أنه أجنبي من زمعة. الجواب هذا قول من عائشة وإخبار عن ظنها لا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولذلك روي في الحديث أن عبد بن زمعة قال هو أخي وقال سعد للنبي - صلى الله عليه وسلم - هو ابن أخي عتبة انظر إلى شبهه به فلم يلتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك من قول سعد ألا ترى إلى قوله - صلى الله عليه وسلم - في قصة هلال بن أمية حين قال انظروها فإن جاءت به أكحل العينين سابغ الإليتين خدلج الساقين فهو لشريك بن السمحاء فجاءت به على النعت المكروه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن وفي رواية لرجمتها فاعتبر الشبه في بيان تصديق الدعوى ولم يعتبره في إنفاذ الحكم وفائدة الترجمة التي بوب عليها مالك في قوله "إلحاق الولد بأبيه" (١) أنه بين إلحاقه به بالفراش في حديث زمعة وإلحاقه به في الدعوى في الإِسلام لأولاد الجاهلية في حديث عمر لكن صفة الفراش الذي قضى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالولد مأخوذة من أدلة سواه والمرأة تصير بعقد النكاح فراشاً (والأمة تصير بالولادة فراشاً) (٢) لا خلاف فيه واختلف هل تكون بالوطء فراشاً أم لا وقد مهدنا ذلك في مسائل الخلاف ومن أسباب إلحاق الولد القول بالقافة والأصل في ذلك حديث مجزز (٣) المدلجي رواه الأئمة ولم يدخله (مالك. دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - على عائشة تبرق أسارير وجهه فقال: ألم تري أن مجززاً المدلجي نظر الآن إلى أسامة وزيد وهما في قطيفة قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما فقال إن هذه الأقدام بعضها من بعض) (٤) وجه الدليل في ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سرّ بقول القائف في إثبات نسب أسامة وزيد بشبه الإقدام في التقدير والهيئة وإن اختلفا في اللون فإن زيداً كان أبيض وأسامة أسود (٥) والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يسر بالباطل على ما قررناه في أصول الفقه لكن قال علماؤنا إنما يكون الحكم بالقافة في الإماء واختلف قول مالك في


(١) الموطأ ٢/ ٧٣٩.
(٢) زيادة من ت وج وك وم.
(٣) مجزز بن الأعور بن جعدة الكناني المدلجي القائف روى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله في هذه الأقدام بعضها من بعض، تجريد أسماء الصحابة للذهبي ٢/ ٥٢.
(٤) متفق عليه أخرجه البخاري في الفرائض باب القائف ٨/ ١٩٥، ومسلم في الرضاع باب العمل بإلحاق القائف الولد (١٤٥٩).
(٥) قال أبو داود وسمعت أحمد بن صالح يقول كان أسامة أسود شديد السواد مثل القار وكان زيد أبيض مثل القطن. سنن أبي داود ٢/ ٧٠٠.

<<  <   >  >>